الواحد من متعدد ، أو اجتماع علّتين مستقلتين على معلول واحد ، وهو محال ، وإن كان كل منهما جزء علة ، فهذا خلاف إطلاق ترتب الجزاء على الشرط ، فإن مقتضاه انّ الشرط علة تامة لترتب الجزاء ، كما هو عند المنكر للمفهوم أيضا ، ولو كان الشرط علة لحصة ، وذاك علة لحصة أخرى ، للزم اجتماع الحكمين المثلين على متعلق واحد ، وهو باطل.
إذن فهذا الإطلاق الأحوالي ، يبرهن على انحصار العليّة بالشرط ، وهذا التقريب إذا تمّ ، ثبت المفهوم بلحاظ مرحلة المدلول التصديقي للكلام ، المستكشف بالإطلاق ومقدمات الحكمة.
إلّا ان هذا التقريب غير تام ، ويرد عليه عدة اعتراضات.
١ ـ الاعتراض الأول : وهو اعتراض على إثبات العليّة ، وحاصله : انّ غاية ما يقتضيه أصالة التطابق بين مقام الإثبات والثبوت ، هو انّ الجزاء مترتب على الشرط ، إلّا انّ الترتب لا ينحصر أمره في الترتب العلّي ، ليستكشف منه عليّة الشرط للجزاء ، بل يمكن أن يكون ترتبا زمانيا ، كما في قولنا : إذا وجد البرق وجد الرعد ، فإنّ وجود الرعد مترتّب كلاما على وجود البرق ترتبا زمانيا ، باعتبار انّ حركة النور أسرع من حركة الصوت ، وليس معنى ذلك ، انّ الرعد معلول للبرق ، بل هما معلولان لعلة أخرى.
٢ ـ الاعتراض الثاني : وهو اعتراض على إثبات الانحصارية ، وحاصله : هو انّ الإطلاق الأحوالي ، إنّما يثبت عليّة الشرط على نحو الانحصار ، في صورة ما إذا كانت العلة الأخرى المحتملة يمكن اجتماعها مع الشرط ، كما لو احتملنا انّ إهداء زيد هديّة ، يمكن أن يكون علة لوجوب إكرامه ، كالمجيء الذي كان علة لوجوب الإكرام ، فهنا يمكن اجتماع المجيء مع الهدية ، ففي مثل ذلك ، نثبت عليّة المجيء على نحو الانحصار بالإطلاق الأحوالي بالنحو المتقدم.
وأمّا لو كانت العلة الأخرى المحتملة لا يمكن اجتماعها مع الشرط ، كالموت مثلا ، فيما إذا احتمل كونه علة ، فهنا المجيء لا يجتمع مع الموت ،