ولنا حول هذا الركن كلامان :
١ ـ الكلام الأول : ونتعرّض فيه لذكر إشكال مع دفعه ، وهذا الإشكال ، قد أورد على ما ذكره المشهور من الضابط ، ومرجعه ، إلى انّه على بعض التقادير ، يكون الركن الثاني وحده كافيا لإثبات المفهوم ، دون حاجة إلى الركن الأول ، وعلى بعض التقادير الأخرى ، لا يكون كلا الركنين وافيين لإثبات المفهوم.
وحاصل هذا الإشكال هو : انّه إذا قال المولى ، «إذا جاءك زيد فأكرمه» ، وفرض انّ المعلق على المجيء ، هو مطلق الوجوب وطبيعيّة ، فحينئذ ، نقول.
إنّ للإطلاق معنيين ، أحدهما ، الإطلاق بنحو مطلق الوجود ، وهو المسمى بالإطلاق الاستغراقي ، والثاني ، الإطلاق بنحو صرف الوجود ، ففي مثالنا ، إمّا أن يكون المعلّق على الشرط هو المطلق بنحو مطلق الوجود ، أو المطلق بنحو صرف الوجود.
فإن أريد الأول ، فيرجع قولنا : «إذا جاءك زيد فأكرمه إلى أن المعلق على المجيء هو كل فرد من أفراد وجوب الإكرام ، وإنّ تمام أفراد وجوب الإكرام إنّما تثبت عند مجيئه.
وهذا يكفي لإثبات المفهوم ، حتى ولو لم نثبت الركن الأول ، وهو كون الشرط علة تامة منحصرة ، أو كون الجملة الشرطيّة بأداتها أو هيئتها موضوعة للنسبة التوقفيّة كما ذكرنا نحن ، لأنّ تعليق تمام أفراد الوجوب على المجيء ، يدل كما هو واضح ، على انتفاء طبيعيّ وجوب الإكرام عند انتفاء المجيء ، بلا حاجة إلى ضم شيء آخر ، وحينئذ ، فيكون الضابط لإثبات المفهوم ، هو تماميّة الركن الثاني فقط.
وإن أريد الثاني : وهو كون المعلّق على الشرط إنّما هو المطلق بنحو صرف الوجود ، فمن المعلوم ، انّ صرف الوجود ، مساوق للوجود الأول ، لأنّ صرف الوجود ، هو الناقض للعدم المطلق ، وذلك يساوق الوجود