وعليه فالمشكلة موجودة بلحاظ عالم المبادئ التي هي الأساس في تضاد الأحكام.
وهذا التقريب غير تام ، وذلك لأنّه بعد انحصار ترك الحرام بالخروج ، يكون الخروج محبوبا ، فبعد الكسر والانكسار بين محبوبيته ومبغوضيته ، تزول مبغوضيته ، لأنّ ملاك المحبوبية أقوى ، ومع زوال المبغوضية لا تكون مبادئ الحرمة موجودة ، كي يقال باجتماعها مع مبادئ الوجوب.
٢ ـ التقريب الثاني ، وهو : مبني على تسليم كون الحرمة والوجوب في زمانين ، لا زمان واحد.
إلّا أنّ اجتماع الوجوب والحرمة على فعل واحد ، ولو في زمانين مستحيل بالنسبة للمولى العالم بالخفايا ، وهو الله سبحانه وتعالى ، وذلك لأنّ هذا الفعل الواحد «كالخروج» مثلا ، إذا لاحظه المولى ، فإمّا أن يكون فيه مصلحة غالبة بالفعل ، أو مفسدة كذلك ، وعلى الأول يحكم بوجوبه لا غير ، وعلى الثاني يحكم بحرمته لا غير ، ولا معنى لاستبدال حكمه بعد ذلك ، لأنّ المفروض أنّه لن يطلع على أمر لم يكن مطّلعا عليه.
وعليه ، فاجتماع حكمين على فعل واحد ، يؤدي إلى جهل الحاكم ، ولو كان زمان كل حكم غير زمن الحكم الآخر كما في محل الكلام.
نعم يتصور ذلك في المولى العرفي ، لإمكان الجهل في حقه ، وأمّا المولى الحقيقي ، فلا يتصور في حقه ذلك.
وعليه : فيستحيل اجتماع الوجوب والحرمة في فعل «الخروج» ، ولو كان ذلك في زمانين.
وهذا التقريب غير تام أيضا : بل الصحيح إمكان اجتماع حكمين على فعل واحد ، في زمانين بالنسبة إلى المولى الحقيقي ، ولا يؤدي ذلك إلى جهله ، وذلك أنّ الخروج إذا لاحظه المولى سوف يرى أنّه ذو مفسدة باعتبار أنّه غصب ، كما أنّه سيرى أنّه ذو مصلحة باعتبار انحصار ترك الغصب به ،