ويفرض أنّنا علمنا من الخارج ، أنّ ملاك الصلاة إذا ثبت فهو إمّا مساو ، أو أهم من ملاك الغصب ، ففي مثل ذلك لا يمكن ترجيح محتمل الأهمية ، وذلك لوقوع التعارض بين الدليلين ، فاللازم حينئذ هو تطبيق قواعد التعارض ، وتوضيح ذلك يعلم من النقطة الأولى.
ولكن مجمل القول فيه ، هو : إنّ دليل «لا تغصب» يدل بالالتزام على عدم أهمية ، ملاك الصلاة كما يدل على عدم مساواته له أيضا ، لأنّ حرمة الغصب لا تتناسب إلّا مع أهميّة ملاكه. وعليه : فيكون دليل «لا تغصب» نافيا لأصل ثبوت ملاك الصلاة باعتبار الملازمة بين أصل ثبوت ملاك الصلاة ، وبين كونه أهم أو مساويا. فإذا انتفى الثاني ، انتفى الأول ، وبذلك يكون كل من الدليلين مكذبا بمدلوله الالتزامي للآخر ، وهذا معناه ، التعارض.
٢ ـ الصورة الثانية ، هي : أن يفرض أنّ ثبوت أصل ملاك الصلاة كان بدليل خارجي ، وكذلك ملاك الغصب ، ففي مثل ذلك يقع التعارض أيضا. ولا يمكن تقديم محتمل الأهمية ، وذلك لأنّ احتمال الأهمية هنا ، مرجعه إلى شك في أصل التكليف ، لأنّنا نقول : إنّ هذه الحركة في الأرض المغصوبة فيها مصالح ومفاسد ، ولا ندري أنّ المصالح أكبر من المفاسد ليحكم بوجوبها ، أو مساوية لها ليتساقطا ، فيرجع الأمر إلى الشك في أصل جعل الوجوب وعدمه ، وفي مثله تجري أصالة البراءة.
وهذا الكلام لا يمكن تطبيقه في باب التزاحم الحقيقي ، لأنّ أصل وجوب الصلاة ، وكذا الإزالة ، معلوم.
ومن جملة المرجحات المذكورة في باب التزاحم الحقيقي ، هو ترجيح ما كان احتمال الأهمية فيه أكبر من الآخر ، وبعد أن عرفت عدم إجراء المرجّح السابق في باب التزاحم الملاكي ، يظهر أنّ عدم إجراء هذا المرجع إنّما هو بطريق أولى كما هو واضح.