بكونه وجوبا متعلقا بالمكلّفين عامة على سبيل العموم البدلي ، أي : بأحدهم ، مقايسة بالعموم البدلي في طرف المتعلقات ، فكما يقال ، «أكرم عالما» ، فيجزي إكرام أحد العلماء ، كذلك هنا حينما يجب الدفن على المكلّفين ، فإنّه يكفي أن يقوم أحدهم به.
وتحقيق الحال فيه ، هو : إنّ العموم البدلي في طرف متعلقات الأمر ، يتصوّر على نحوين :
فإمّا أن تكون طبيعة العموم المتعلقة للأمر ، مقيّدة بقيد الأوّليّة ، كما لو كان «عالم» ـ في قولنا ، «أكرم عالما» ـ مقيّدا بالأوليّة ، كما لو قال : «أكرم أوّل عالم تشاهده».
والنحو الثاني هو : أن تكون طبيعة العموم المتعلقة للأمر مقيّدة بقيد الوحدة ، كما لو قال ، «أكرم عالما واحدا» حيث لا يجب إكرام اثنين.
وأمّا إذا لم يؤخذ قيد من قبيل الأوليّة أو الوحدة ، فسوف تكون طبيعة متعلق الأمر ، استغراقية ، كما هو الحال في «أكرم العالم».
وفي محل الكلام ، عندنا وجوب كفائي معلّق على المكلّف ، فإن لم يؤخذ فيه قيد زائد على طبيعته ، فيكون بحسب طبيعته استغراقيا ، لا محالة ، فينحلّ الحكم فيه إلى أحكام عديدة بعدد أفراد الموضوع.
وحينئذ إذا أريد من هذا العموم البدليّة ، فلا بدّ من تقييده بعناية مخصوصة كي يخرج عن طبيعته الاستغراقيّة.
وحينئذ نقول : إن كانت هذه العناية هي قيد «الأوليّة» وأنّ التكليف متعلّق بأوّل المكلّفين ، فهذا واضح الفساد ، ولا معنى معقولا له ، لأنّه على خلاف خصائص الوجوب الكفائي ، إذ فيه لا يفرّق بين المكلّف الأوّل ، والآخر ، بل هما فيه سواء.
وإن كانت هذه العناية هي قيد «الوحدة» ، أي : إنّ متعلّق الوجوب هو المكلّف ، بقيد «الوحدة» ، بمعنى أنّ المكلّف «أحدهم» ، نظير الوجوب