مستقل ، فكما تعقل هذه الفرضيّة في صلاة الميت ، تعقل هنا (١).
٢ ـ الاعتراض الثاني ، هو : إننا إذا التزمنا بالوجوبين المشروطين بهذا النحو ، بحيث أنّه إذا قام بالفعل «الواجب الكفائي» أكثر من مكلّف واحد ، فإنه يلزم من ذلك ، أن لا يكون قد وقع امتثال أصلا ، لأنّ كل واحد ، إنّما ثبت الوجوب في حقه بشرط ترك المكلّف الآخر له ، والمفروض ، أنّ مكلّفين أو ثلاثة قد قاموا أو قاما بالفعل. إذن فلا وجوب على واحد منهم ، ومعنى هذا ، عدم تحقق الامتثال فيبقى الأمر في ذمة المكلّفين بدون امتثال.
ولا يمكن التخلّص من هذا الاعتراض كما تخلصنا في الوجوب التخييري ، حيث تصورنا في الوجوب التخييري عدلا ثالثا ، وهو المجموع من الفعلين ، إذ قلنا هناك : إنّ الوجوب التخييري متقوم بثلاثة بدائل فيكون مرجع وجوب أحد البدائل الثلاثة إلى وجوبات تخييرية ثلاثة هي : هذا البدل ، وهذا البدل ، ومجموع البدلين ، فهنا إنما تعقّل هذا في مجموع فعلين صدرا من مكلّف واحد.
ولكن هنا في الوجوب الكفائي ، لا يعقل ، لأنّ كل فعل صدر من مكلّف غير المكلّف الذي صدر منه الفعل الآخر ، إذ لا شيء وراء زيد وعمرو ، كي يكون الواجب على المجموع المركب من زيد وعمرو وذاك الشيء ، فهذا الاعتراض باق.
وكذلك لا يمكن التخلّص من هذا الاعتراض ، بما لو افترض أنّ الشرط ، هو عدم إتيان المكلّف الآخر بالفعل قبله فإذا أتى به المكلّف الآخر مقارنا لا يكون مسقطا.
فإنّ معنى هذا ، إنّه في آخر الوقت يجب على كل المكلّفين الإتيان بالفعل ، لكن بحيث أنّه لو علم بأنّ المكلّف الآخر يأتي به في هذا الوقت ،
__________________
(١) ولعلّه بسبب التنافي والتدافع بين وجودات هذه الملاكات المتعددة ، كان الوجوب مشروطا (المقرر).