«الصلاة والإزالة» ، فإنّه لا تناف هنا بين الجعلين ، لعدم المحذور في جعل قضيتين مشروطتين بالقدرة ، وإنما التنافي يكون بين المجعولين ، فإنّهما لا يكونان فعليّين معا ، لعدم قدرة المكلف على امتثالهما معا ، فلو فرض أنّه اختار الصلاة تعيينا أو تخييرا ، فلا يكون وجوب الإزالة فعليا في حقه ، وكذلك لو أزال فإنه عاجز عن الصلاة ، فيخرج عن موضوع «صلّ». ذلك لأنّ موضوعه القادر ، والمشتغل بأحد المتزاحمين غير قادر ، وإذا كان التنافي بين المجعولين ، فلا يسري إلى مفاد الخطابين والجعلين ، إذ بناء على الترتّب ، لا محذور في جعل قضيتين مشروطتين بالقدرة. نعم هنا المجعولان لا يكونان فعليين معا. لعدم قدرة المكلف على امتثالهما معا ، وبامتثال أحدهما تعيينا أو تخييرا ينتفي الحكم الآخر بانتفاء موضوعه وعليه ، فلا تعارض بينهما.
وهذا الوجه يعترض عليه ، بأنّه إن أردتم من القدرة التكوينية المأخوذة في موضوعات التكاليف «لبّيا» ، القدرة حدوثا وبقاء ، بحيث يكون التكليف بالصلاة مشروطا بالقدرة عليها ، وعدم صرف القدرة في ضدّ آخر ، وهكذا الإزالة.
إن أردتم هذا ، فهو وإن كان بناء على الترتب لا محذور فيه لأنه من قبيل الأمر بالضدين المتزاحمين ، لكن لازم هذا ارتفاع التكليف ، وعدم تحقق العصيان فيما لو اشتغل المكلّف بضد للواجب ليس واجبا عليه ، وهذا ممّا لا يلتزم به صاحب الدعوى ، لأنّه تعجيز بعد القدرة ، والتعجيز بعد القدرة لا يرفع موضوع الخطاب ، إذ بمقدور كل إنسان أن يعجز نفسه ، ويكون بذلك عاصيا.
وإن أردتم من اشتراط القدرة التكوينية لبّيا في موضوعات التكاليف ، اشتراطها بحدود القدرة الحدوثيّة فقط ، على أساس أنّ العقل لا يحكم بأكثر من هذا الاشتراط ، بمعنى أنّ التكليف يصبح فعليا بمجرد توفر القدرة عليه حدوثا في الآن الأول.
إن أردتم هذا ، فإنّ القدرة بهذا المعنى موجودة في كلا الطرفين ، لأنّ المكلف كان قادرا حدوثا أن يصلي أو يزيل ، وإنما هو عجّز نفسه ، وهذا التعجيز لا يرفع موضوع الخطاب كما عرفت.