اعتبارية لتفهيم المعنى ، وحينئذ فالوضع عبارة عن اعتبار اللفظ أداة لتفهيم المعنى.
وهذا الوجه يظهر بطلانه ممّا ذكرنا ، فإنّ أصحاب مسلك الاعتبار لم يتكلموا في أصل الإشكال ، وهو أنه كيف حصلت هذه السببية بين اللفظ والمعنى بالاعتبار ، مع أن هذه لا تحصل بين شيئين بمجرد الاعتبار ، فإنه بمجرد اعتبار كون الماء نارا ، لا تحصل حينئذ السببية بين الماء والنار ، فكان الواجب أن يبينوا كيفية حصول السببية بين اللفظ والمعنى بالاعتبار ، سواء أكان المعتبر هو وضع اللفظ على المعنى ، كما هو مقتضى الوجه الأول للتصوير ، أو كان المعتبر هو كون اللفظ عين المعنى ، أو وجودا له كما هو مقتضى الوجه الثاني للتصوير ، أو كان المعتبر هو كون اللفظ أداة لتفهيم المعنى كما هو مقتضى الوجه الثالث للتصوير.
ولكنهم تركوا هذا ، وصاروا في مقام تصوير بيان ما هو المعتبر ، وأنه هل هو وضع اللفظ على المعنى ، أو كون اللفظ وجودا للمعنى ، أو كون اللفظ أداة لتفهيم المعنى؟ وهذا الكلام لا معنى له في كلامنا.
إذن فمسلك الاعتبار قاصر عن تصوير حقيقة الوضع كمسلك التعهد.