القرينة ، فإنّ هذا خلف بنائه ، ولو احتمال بأن يستعمل اللفظ في المعنى المجازي بلا قرينة من موارد الإجمال والإبهام ، إذن فهذا المقدار من العناية لا يكفي لدفع هذا الإشكال ما لم تكتب عنايات إضافية أكثر.
ثانيا : ما المراد من القرينة هنا؟ هل هو خصوص القرينة المتصلة. أو الأعم من المتصلة والمنفصلة؟.
فإن كان المراد خصوص القرينة المتصلة ، بحيث أن الواضع يتعهد بأن لا يأتي بلفظة (أسد) إلّا إذا أراد الحيوان المفترس ، أو أراد الرجل الشجاع ، وأتى بالقرينة المتصلة ؛ إذا كان هكذا ، فمن الواضح أن كثيرا ما يعتمد المتكلم على قرينة منفصلة ، فهذا التعهد بهذا النحو يصير تعهدا ضمنيا بإلغاء القرائن المنفصلة ، مع أن الإنسان اللغوي قد يعتمد على القرينة المنفصلة.
وإن أريد بالقرينة الأعم من المتصلة والمنفصلة ، بمعنى أن يقول ـ إن كلمة (أسد) أتعهد بأن لا آتي بها إلّا إذا أردت تفهيم الحيوان المفترس ، أو أردت بها الرجل الشجاع ، ولو مع نصب قرينة ، لكن بعد أسبوعين مثلا ـ إذا كان هكذا ، فحينئذ ، ففيما إذا صدر الاستعمال من المتكلم ، وشككنا في أنه ينصب قرينة منفصلة ، أو لا ينصب قرينة منفصلة ؛ معنى هذا أن اللفظ لم نحرز دلالته بالفعل على المعنى الموضوع له ، لأنّ دلالة لفظ (أسد) على الحيوان المفترس فرع اقتضاء التعهد لذلك ، والتعهد لا يقتضي كشف قصد تفهيم الحيوان المفترس إلّا في حالة عدم القرينة مطلقا ، لا متصلة ولا منفصلة ، إذن ففي مثل هذا الحال يشكّ في أن اللفظ هل له دلالة وضعية على المعنى الحقيقي ، أو ليس له دلالة وضعية على المعنى الحقيقي ، لأنّ الدلالة الوضعية للّفظ على المعنى الحقيقي ، إنما تحصل عند أصحاب التعهد ببركة التلازم الناشئ من التعهد ، وهذا التعهد إنما يجعل الملازمة بين اللفظ وبين قصد تفهيم المعنى الحقيقي ، فيما إذا لم تكن هناك قرينة ، ولو منفصلة.
إذا فمع الشك في وجود القرينة ، ولو متصلة ، يشك في وجود الدلالة الوضعية وعدم وجودها ، وحينئذ لا بد من التوقف ، مع أنه لا إشكال في حالة