يقصد تفهيم المعنى الذي تعهد به ، وبذلك نفسر حصول السببية بين اللفظ والمعنى. إذن فالسببية بين اللفظ والمعنى في عالم الوجود الذهني ، حصلت ببركة هذه الملازمة التي نشأت من التعهد من قبل الإنسان اللغوي ، بالقضية الشرطية ، وضمّ إلى هذا التعهد أصالة وفاء العقلاء بتعهداتهم ، فحصل بذلك ملازمة نوعية طبعية بين اللفظ والمعنى.
فمتى ما أتى باللفظ يستكشف منه أنه قصد تفهيم المعنى الفلاني. هذا هو مبنى التعهد ومعنى المبنى الذي يفسر الوضع بالتعهد.
ويستخلص من هذا المبنى عدة أمور :
الأمر الأول :
إن الملازمة والدلالة قائمة بين طرفين ، وهما اللفظ وقصد تفهيم المعنى ، لأنّ هذين هما طرفا التعهد ـ الشرط والجزاء في القضية الشرطية ـ تعهد بأنه متى ما قصد تفهيم المعنى أتى باللفظ ، فيكون مدلول اللفظ هو قصد تفهيم المعنى لأنّ هذا هو طرف الملازمة.
الأمر الثاني :
وما نستخلصه ثانيا مترتبا على الأمر الأول ؛ إنّ الدلالة التي نشأت ببركة هذا التعهد ، دلالة تصديقية ، لا مجرد دلالة تصورية ، لأنّ هذا التعهد جعل ملازمة بين اللفظ وإرادة تفهيم المعنى ، فاللفظ يدلّ إذن على أنّ المتكلم قصد تفهيم المعنى ، وهذا هو معنى الدلالة التصديقية. فإنّ الدلالة على قسمين :
أ ـ دلالة تصورية : بمعنى انتقاش المعنى تصورا في ذهن السامع ، ولو سمعه من اصطكاك حجرين.
ب ـ دلالة تصديقية : وهي دلالة اللفظ على أن المتكلم قصد تفهيم هذا المعنى ، وإخطاره في ذهن السامع بناء على أن الوضع عبارة عن التعهد ، وأن