الواحدي في أسباب النزول عن ابن عباس في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا) ـ الآية وذلك أن العرب كانوا يتكلمون بها فلما سمعتهم اليهود يقولونها للنبي (صلىاللهعليهوآله) أعجبهم ذلك. وكان راعنا في كلام اليهود السب القبيح ، فقالوا : إنا كنّا نسب محمدا سرا ، فالآن أعلنوا السب لمحمد ، فكانوا يأتون نبي الله (صلىاللهعليهوآله) فيقولون : يا محمد راعنا ويضحكون ففطن بها رجل من الأنصار وهو سعد بن عبادة ـ أو سعد بن معاذ ـ وكان عارفا بلغة اليهود ، فقال : يا أعداء الله عليكم لعنة الله والذي نفس محمد بيده لئن سمعتها من رجل منكم لأضربنّ عنقه. فقالوا : ألستم تقولونها؟ فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا) ـ الآية.
أقول : الرواية حسب الإعتبار صحيحة وتقدم وجه ذلك كما ذكرنا عن بعض مشايخنا.
(ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٠٧) أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١٠٨))
بعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى أنه ينزل الرحمة والوحي على من يشاء من عباده بيّن سبحانه وتعالى استيلاءه على الحكم بكل ما يشاء من النسخ والإثبات ، لأنه مالك السموات والأرض وعلى كل شيء قدير ، وفي الآيات المباركة رد لمزاعم اليهود الذين يحدّدون قدرته تعالى بحد خاص ، وقد ذم سبحانه وتعالى أيضا توجيه كل سؤال ينبعث عن قصور العقول إلى رسوله الكريم كما فعلت اليهود بالنسبة إلى موسى (عليهالسلام). وهذا في الواقع يكون ذما للتقليد عن الكفار.