الدنيوية والأخروية وذلك هو الخسران المبين.
قوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ). إرجاع ختم الكلام إلى بدئه وهو من محسنات البيان فقد سبق أن ذكّر سبحانه وتعالى بني إسرائيل أنواع نعمه ، وهنا ختم بتذكيرهم لها أيضا لتتم الحجة عليهم أو غير ذلك من المصالح ، وما عن بعض المفسرين من إنكار التكرار في القرآن فسيأتي البحث عنه في مستقبل الكلام ، وقد تقدم تفسير الآية الشريفة في آيتي ٤٠ و ٤٧ فراجع.
ونزيد هنا أنه قد ورد في قوله تعالى مخاطبا لأمة محمد (صلىاللهعليهوآله) : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٥٢] وذكر تعالى في خطابه لبني إسرائيل : (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ) فمن اختلاف التعبير يستفاد علوّ منزلة المسلمين عن غيرهم فإن الذكر تعلق بهم بالذات الأقدس الربوبي ، وهو أعلى المقامات ، بخلاف بني إسرائيل. فإن الذكر تعلق فيهم بالنعمة ، وذلك لكثرة انغمارهم في الجهات المادية ، وإعراضهم عن الحق فورد الخطاب على ما ارتكزت عليه نفوسهم ، وكم فرق بين من تعلقت نفسه بنعمة المنعم وبين من تعلقت نفسه بذات المنعم.
قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ). تقدم تفسيرها في آية ٤٨ إلّا أنّ الأولى مغايرة مع الثانية في تقديم قوله تعالى : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ). والوجه في ذلك أن مورد الأولى في مقام تحلية النفس بالفضائل النفسانية أولا ثم أمر الغير بها ثانيا. ومورد الثانية إنكارهم لنبوة النبي (صلىاللهعليهوآله) إلّا باتباعه لهم وقد ختم سبحانه وتعالى الكلام مع اليهود بذلك.
بحث روائي :
عن الشيخ الطوسي في قوله تعالى : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى) : «إنّ النبي (صلىاللهعليهوآله) كان مجتهدا في طلب ما