وبينهما فرق واضح. وفي المقام جزاء لإنكارهم للمعجزة الأبدية التي هي القرآن باختيارهم يدخلون النّار التي أعدت لهم.
ثم إنّ الإعداد من الأمور الإضافية وله مراتب متفاوتة كثيرة يقول القائل : أعددت هذه الحنطة لطعامي مثلا أو هذا القماش للباسي أو هذه الأرض لمسكني إلى غير ذلك من الأمثلة ومقتضى ما ورد من الآيات المباركة والأخبار المستفيضة من الطرفين ـ على ما يأتي في محله ـ أنّ الإعداد حاصل من الأعمال والأفعال ، كقوله (صلىاللهعليهوآله): «الدنيا مزرعة الآخرة» لا أنّ الله تعالى أعد ذلك بذاته الأقدس أولا وبالذات بلا فرق بين درجات المتقين ودركات الكافرين والمنافقين فترجع موجبات الإعداد الى نفس الطائفتين فالمعد (بالكسر) إنما هو نفس المكلف والإعداد يحصل من عمله ، وسيأتي في الآيات المناسبة تفصيل الكلام إن شاء الله تعالى.
وحيث إنّ هذه الآية مفتتح آيات التحدي إلى المعجزة لا بد وان نشير إليها في الجملة.
حقيقة الإعجاز :
الأفعال الاختيارية الصادرة عن الإنسان على أقسام :
(الأول) : أن لا يستند إلى سبب وهو محال ، لما ثبت بالأدلة العقلية من أنّ حدوث الفعل الاختياري بلا سبب فاعلي محال.
(الثاني) : أن يستند إلى سبب من الأسباب الطبيعية الشايعة وهذا القسم معلوم لكل أحد.
(الثالث) : أن يكون سببه من الأسباب الطبيعية النادرة بحيث لو أمكن الاجتهاد في تحصيلها لظفر بها بلا دخالة خصوصية شخص فيها بل كل من تعلّم الأسباب وأحاط بها أمكن صدور تلك الأفعال منه جريا لقانون السببية والمسببية الجاري في جميع الممكنات. وجميع الأفعال النادرة ، والفنون العجيبة ، بل السحر والشعبذة ونحوهما من هذا القبيل. نعم يختص السحر ونحوه بأنّ لإيحاء بعض النفوس الشريرة دخلا في تحققه في الجملة على ما