(عليهالسلام) وذريته فلولاها لما حظي بمقام الاصطفاء ولما ظهرت آثار حكمته البالغة في خلق الإنسان وغير ذلك من الحكم والمصالح.
قوله تعالى : (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ). الظلم هو عدم النور وللظلمة مراتب كثيرة فهي تتحقق بإتيان الكبيرة ، أو الصغيرة ، أو ترك الأولى وربما تتحقق في الغفلة عن الله تعالى. والمراد به في المقام الظلم على النفس ، لأن ارتكاب ما لا يرتضيه المعبود ولو على نحو التنزه بالنسبة إلى بعض لا يناسب العبودية المحضة ، فيستفاد من ذلك أن النهي كان من مجرد الإرشاد إلى ما يترتب على ارتكابه من آثار ، كما هي مذكورة في قوله تعالى : (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) [سورة طه ، ١١٨].
فيكون المعنى إنك إن خرجت منها تمنع نفسك من الكرامة والنعيم ، وتلقى هذه المصاعب وهي عبارة أخرى عن الشقاء والتعب الملازم لدار الدنيا ، كما قاله تعالى في آية أخرى ، فلا يكون الارتكاب موجبا لترتب العقاب الأخروي.
قوله تعالى : (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها). مادة (ز ل ل) تدل على الاسترسال في الشيء بلا تعمد وقصد ولو كان بسبب الترغيب من الغير مكرا وخديعة ، كما في المقام ، فإن الشيطان حملهما على الأكل من الشجرة بما وسوس لهما في قوله : (هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى) [سورة طه ، الآية : ١٢٠] ، وقوله : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) [سورة الأعراف ، الآية : ٢٠] وقسمه لهما : (إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) [سورة الأعراف ، الآية : ٢١].
ثم إن الآيات الواردة في المقام ثلاث :
الأولى : هذه الآية وهي لا تدل على وقوع مكروه منهما عن عمد واختيار حتّى يبحث عن أنه كبيرة أو صغيرة ، أو من مجرد ترك الأولى. فهي إرشاد محض إلى ترتب أثر الارتكاب عليه ترتب اللازم على الملزوم. وأما أن هذا اللازم مكروه له تعالى أو غيره فلا يستفاد ذلك منها.
الثانية : قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ