يونس ، الآية : ١١] ، وقوله تعالى : (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً) [سورة المائدة ، الآية : ٦٤] وغيرها من الآيات الشريفة الموافقة لقانون الطبيعة بالنسبة إلى النفوس الشريرة. وتقدم في خداعة الله تعالى لهم بعض الكلام فراجع.
وهذه الآية في مقام التسلية للنبي (صلىاللهعليهوآله) وسائر أنبيائه قال تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [سورة يس ، الآية : ٣٠] والمؤمنين أيضا ، وحيث أن الاستهزاء بأنبياء الله يرجع إلى الاستهزاء بالله تعالى فنسب جزاء المستهزئين بهم إلى نفسه فقال تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) وقال تعالى : (فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [سورة الشعراء ، الآية : ٦] ، وقال تعالى : (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [سورة الزمر ، الآية : ٤٨] فإن إحاطة نفاقهم بهم من لوازم فعلهم والكل يرجع إليه سبحانه وتعالى بنحو الاقتضاء ، كما مر ، فيصح أن يقال : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) جزاء لأعمالهم أو (حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ).
قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ). يطلق الاشتراء على الاستبدال مع رجاء النفع أي : أنّ المنافقين استبدلوا الهداية بالضلالة والعمى لغرض من الأغراض الفاسدة الدنيوية فتركوا استعداد فطرتهم فلم تربح تجارتهم وكانوا من الخاسرين. والخسران في هذه المعاملة من الواضحات لكل عاقل بعد التأمل ولو قليلا وقد بين تعالى ذلك في آية أخرى بما هو أظهر فقال سبحانه : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٧٥] وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٧٧]. وفي جملة من الآيات المباركة التعبير بالثمن القليل قال تعالى : (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) [سورة النحل ، الآية : ٩٥] وقال تعالى : (وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٨٧].
ويمكن أن يفرق بين التعبيرين بأنّ استبدال الهداية والإيمان بالضلال