«أقيموا الصّلاة بتمام ركوعها وسجودها ، ومواقيتها ، وأداء حقوقها. وآتوا الزكاة من المال ، والجاه ، وقوة البدن».
أقول : تقدم ما يدل على ذلك في أول سورة البقرة.
في الكافي عن الصادق (عليهالسلام) في وجوه الكفر في القرآن قال : «الرابع من الكفر : ترك ما أمر الله ، وهو قول الله عزوجل : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ) ـ الى قوله تعالى ـ (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) فكفّرهم بترك ما أمر الله ، ونسبهم إلى الإيمان ولم يقبله منهم ولم ينفعهم عنده ، فقال عزوجل : (فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ) ـ الآية ـ».
أقول : ترك ما أمر الله تعالى له مراتب : مجرد الترك مع الإعتقاد به واقعا ، والترك مع عدم الإعتقاد ، والترك مع الاستهزاء ، والأخيران يوجبان الكفر ، والأول موجب للفسق كما فصلنا ذلك في الفقه فراجع كتابنا [مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام].
بحث دلالي :
هذه الآيات المباركة وغيرها من الآيات الواردة في القرآن الكريم في قصص بني إسرائيل وأحوالهم كلها تشير إلى وحدتهم وترابطهم حتّى كأن الكلام عن الأبناء والآباء واحد فيهم ، وأن اللاحق نفس السابق في العمل ، فاعتبر القرآن أنّ جزاء الجميع واحد وإن كان العمل صادرا عن بعضهم ، وليس ذلك إلّا لأجل وجود الترابط الوثيق بين أفراد اليهود فلهم وحدتهم في الدين والنسب والاجتماع وغيرها حتّى ليعدّ الفرد اليهودي عنوانا مشيرا إلى أمته ، وله من الأخلاق والعادات ما لغيره من اليهود ، فقد اتفقت طباعهم واتحدت نفوسهم وقلّما تكون هذه الظاهرة الاجتماعية في الأمم والجماعات. فكان خطاب القرآن مع اليهود في عصر التنزيل كالخطاب مع اليهود في غير عصرهم.
ولعل السر في إصرار القرآن على استعمال هذا الأسلوب من الخطاب