شأنه : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) [سورة الأنعام ، الآية : ٣]. وأخرى : علقه على ذات الألوهية ، فقال تعالى : (لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) [سورة النحل ، الآية : ٢٣] ويأتي شرح ذلك في الآيات المناسبة إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ). الأمي من لا يكتب ولا يقرأ وهو صفة ذم ، وقد تكون من صفات المدح كما في نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) فإنه كان أميا ولكن علمه الله تعالى من لدنه جميع المعارف وجهات التشريع. والأماني جمع أمنية : وهي التصورات التي لا حقيقة لها ولا واقع وإن ظن أن لها واقعا وحقيقة.
وهذه الجملة تحتمل معنيين :
الأول : أن كتاب الله تعالى يشتمل على أشياء لا حقيقة لها بزعمهم ويشهد له قوله تعالى : (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [سورة الفرقان ، الآية : ٥].
الثاني : أن يكون المراد أنه لاحظ لهم من معنى الكتاب ومراد كلامه تعالى ، وهمهم إنما يكون في غير ذلك. وإنما عبر بالامنية لأنه لا يتجاوز الوهم والخيال الذي هو أنزل العوالم ولا يمكن أن يصل إلى مراده تعالى الذي هو من عالم الغيب ، فيكون من أدلة النهي عن تفسير كلام الله بالرأي. وتأتي بمعنى القراءة أيضا أي لا يعلمون الكتاب إلّا قراءة اللفظ من دون التعدي إلى فهم المعنى الحقيقي. وهؤلاء هم الفريق الثاني من اليهود الذين لاحظ لهم من الكتاب إلّا الأكاذيب والمفتعلات ، وهم المأوّلون لكتاب الله على طبق آرائهم وأمنياتهم التي ليس لها أصل صحيح. وأما الفريق الأول فهم المحرفون لكتاب الله تعالى.
قوله تعالى : (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ). المراد بالظن الوهم أي ليس حظهم من الكتاب إلّا ما يتوهمونه من الأغراض الفاسدة كما يأتي في ذيل الآية المباركة.
قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ