والأحد عيد النصارى ، والجمعة عيد المسلمين فذات هذه الأيام أعياد لهؤلاء ، سواء قلنا بكونها اسماء لها من العهد القديم ـ كما يظهر من بعض الآثار ـ أو أنها حدثت بعد قرون كثيرة كما عن جمع.
والمعنى : ولقد عرفتم الذين تجاوزوا عما أمرهم الله تعالى وارتكبوا ما نهاهم عنه في يوم السبت ، وذلك أن الله تعالى جعل لهم وظائف في هذا اليوم بالنسبة إلى الصيد وجهات أخرى فلم يعملوا بها ، وسيأتي تفصيل القصة في سورة الأعراف.
قوله تعالى : (فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ). القردة جمع قرد وهو حيوان معروف. وخسأ بمعنى الطرد والإبعاد عن مذلة وحقارة ، ولذا يستعمل في طرد الكلب ، ومن يراد إهانته كقوله تعالى للمجرمين في جهنم : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) [سورة المؤمنون ، الآية : ١٠٨] أي : ابتعدوا عن مذلة وسخط. والأمر هنا تكويني كما في قوله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [سورة يس ، الآية : ٨٢].
وصيرورتهم قردة بحسب القلب معلوم لا إشكال فيه ، لأنه المتيقن من جميع ما ورد في المقام من النصوص والتفاسير إنما البحث في أنهم هل مسخوا إلى صورة القردة أيضا أولا؟ نسب الأول إلى جمهور المفسرين ، ولا بأس به ، لأن الله تعالى قادر على كل شيء.
إن قلت : صيرورتهم بحسب الصورة قردة مخالفة لسنة الله تعالى في عباده لابتنائها على الإمهال في الأخذ بالعقوبة ، مع أنه لو مسخوا قردة كيف يكون ذلك عبرة لغيرهم؟
قلت : أما الأول فلإمكان أن تكون المعصية على حد لا تليق بالإمهال فحكمته تعالى اقتضت الأخذ بها وهي غير معلومة لغيره عزوجل.
وأما الثاني : فلفرض بقاء التعرف الإجمالي بين الممسوخين وغيرهم فيصير ذلك عبرة للآخرين.
قوله تعالى : (فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً