تتمة تأتي في المحل المناسب إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ). أي قلت لكم إني أعلم ما غاب من أنظاركم وعلومكم ، فاحتج عليهم بإثبات علم الغيب له تعالى ونفيه عنهم فلن أخلق خلقا عبثا. وإنما ذكر تعالى غيب السموات والأرض فقط ولم يذكر عالم الشهادة ، لشمول الأول له بالأولى ، مع أن جميع العوالم شهادة بالنسبة إليه تعالى ، والتقدم والتأخر بالنسبة إلى الزمان وهو محيط بالزمان والزمانيات.
ثم احتج عليهم بأنه عالم بما يبدون وما يكتمون ، لأنه ـ كما ذكرنا سابقا ـ أضمروا في نفوسهم أحقيتهم للخلافة ، لكونهم يعبدون ربهم ويقدسونه فلم يخلق خلقا أكرم عليه منا.
والظاهر ـ كما يدل عليه بعض الأخبار ويأتي في البحث الروائي نقلها ـ أنّ المراد هم جميع الملائكة ، ويحتمل أن يكون المراد هو خصوص الشيطان من جهة كونه داخلا في عموم الخطاب ، لأنه كان داخلا فيهم صورة فيكون من باب إطلاق الجمع وإرادة الفرد منه ، وهو صحيح واقع في القرآن الكريم والمحاورات.
بحوث المقام
بحث دلالي :
لا ريب في دلالة الآيات المباركة على فضل العلم ، وأنه الغرض الأقصى من خلق الإنسان وجعل الخليفة ، إذ لا معنى للخلافة الإلهية بل مطلقها إلّا علم الخليفة في ما يستخلف فيه وتدبيره الحاصل بالعلم أيضا ، فيكون العلم هو العلة الغائية لخلق الموجودات كلها ، كما أنه العلة لإيجادها ، ففي مثله تجتمع العلة الغائية والفاعلية.
كما يستفاد منها فضل الإنسان ، لأنه لا فضل إلّا بالعلم ، ولا علم يستعمل في دقائق الكون ، وأسرار التكوين ورموزها إلّا في الإنسان وقد سخر