الفطري الدال على لزوم شكر المنعم ، وقد تقدم في قوله تعالى : (أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) [سورة البقرة ، الآية : ٤٠] بعض الكلام فراجع. والمراد بالطور هو طور سيناء الجبل المعروف الذي كلم الله عليه موسى (عليهالسلام).
وهذه الآية المباركة تفسير لقوله تعالى : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٧١]. والنتق هو الجذب أو القلع ، وهو يتصور على وجهين : الأول : أن يكون بسبب الزلزلة الحادثة في الأرض. الثاني : أن يكون ذلك بنفسه معجزة من الله تعالى بلا واسطة سبب طبيعي من زلزلة ونحوها ، ويمكن تأييد الثاني بظهور كونه معجزة مستقلة ، وتأتي في سورة الأعراف بقية الكلام.
وما يقال : من أن رفع الجبل نحو إكراه لهم على الإيمان والعمل بالتوراة ، وهذا باطل عقلا وشرعا.
غير صحيح لأنهم علموا أن هذا نحو إعجاز من الله تعالى ، لا أن يكون إكراها على الإيمان به ، لفرض بقاء اختيارهم بعد ذلك وأمرهم بالأخذ بالتوراة بقوة ، ويستفاد ذلك من سياق الآية.
وهذه الآية الشريفة كانت بعد نزول التوراة ، وأخذ الميثاق منهم لكي يعملوا بها بقوة واجتهاد.
قوله تعالى : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ). أي : خذوا الكتاب الذي أنزلناه إليكم بعزيمة وجد واجتهاد. والمراد بالقوة الأعم من الظاهرية الجسمانية والقوة النفسانية المعنوية بقرينة ذيل الآية الشريفة وسيأتي في البحث الروائي ما يدل على ذلك ، والمورد وان كان خاصا لكن الحكم عام لجميع أمم الأنبياء ، ولا سيما خاتمهم الذي يكون دينه مبتنيا على الدوام والتأبيد.
قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). المراد بالذكر هو حفظه علما وعملا لا مجرد الذكر اللساني ، فإنه لا ينفع ما لم يكن مقرونا بالعمل كما في الروايات المستفيضة ، ويدل على ذلك قوله تعالى فيها : (لَعَلَّكُمْ