وجل والتمسك بأوثق عرى الإسلام ليحصل ارتباطهم مع خالقهم وهي الصّلاة ، فإنها من أقوى دعائم الدين وأبرز مظاهر إسلام المسلمين ، فيتنزه العبد بمناجاة الله تعالى عن إتيان الفواحش والمحرمات ، وأمرهم بإيتاء الزكاة ، وصلة الأغنياء للفقراء ، وفي ذلك من الوحدة والايتلاف ورفع التفرق والاختلاف ما لا يخفى ، وقد تقدم تفسير هذه الآية المباركة.
قوله تعالى : (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ). أي : إنّ ما تعملونه في دار التكليف والعمل محفوظ عند الله فلا يرغب عامل عن العمل ، ولا يعتريه ريب فكل خير يصدر منكم تجدون جزاءه عند ربكم ، فالدعوة عامة ، والرحمة تامة ، والوفاء ثابت ، فإنه تعالى هو الذي يأخذ منكم ذلك ولا يتصور أن يضيع ما أخذه كما قال تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [سورة الزلزلة ، الآية : ٨] وهذه الآيات المباركة وما في سياقها صريحة في ظهور نفس العمل من حيث هو في الدار الآخرة ، وفيها تأكيد لتثبيت النفوس على رؤية نفس العمل إلّا أنه يربّى كما يشاء الله تعالى وفي الحديث : «كما يربّي أحدكم فصيله». وسيأتي في المحل المناسب إن شاء الله تعالى تفصيل الكلام.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). قد تكررت هذه الآية الشريفة في القرآن كثيرا ، وفي بعضها بدئت بالإعلام قال تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٣٣] وهو يدل على علمه الإحاطي بالجزئيات ، ويكفي في ذلك قوله تعالى : (عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [سورة سبأ ، الآية : ٣] ومنه يظهر بطلان ما نسب إلى جمع من الفلاسفة من نفي علمه تعالى بالجزئيات لتوقف العلم بها على الآلات الجسمانية ، وهو تعالى منزه عنها فأرادوا التنزيه فوقعوا في التعطيل ، ومثل ذلك كثير ، وسنعود إلى تفصيل المقال في مباحث العلم إن شاء الله تعالى.
وفي الآية المباركة من الترغيب على إتيان الأعمال الصالحة ، والترهيب عن