الصبر». وعن الأئمة الهداة (عليهمالسلام): «الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فمن لا صبر له لا إيمان له».
والصبر من صفات الأنبياء والمرسلين الذين أمرنا بالاقتداء بفعلهم والاهتداء بهديهم ، قال تعالى مخاطبا للرسول الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) [سورة الأحقاف ، الآية : ٣٥] ، وقال جلّ شأنه : (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا) [سورة الأنعام ، الآية : ٣٤] ، وقال تعالى : (وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ) [سورة الأنبياء ، الآية : ٨٥] ، وقال تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) [سورة السجدة ، الآية : ٢٤] ، فكما أن الصبر من أهم مقومات حياتهم (عليهمالسلام) فهو من أقوى محققات شؤونهم ، فما بعث الله تعالى نبيا ولا أرسل رسولا ، بل ولم يفض علما على عالم إلّا وكان الصبر أليفه حتّى صار النصر حليفه ، وقد تحمل من المشاق حتّى صار شهير الآفاق ، وذلك من سنة الله : (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) [سورة الفتح ، الآية : ٢٣].
وقد عدّ الصبر في السنّة المقدسة من جنود العقل وضده من جنود الجهل ، فهو من حيث كونه من جنود العقل له دخل في نظام التكوين ، ومن حيث إنه الإيمان ، أو جزء الإيمان له دخل في نظام التشريع فهو جامع للمنزلتين ، وحائز للدرجتين ، فله دخل في الأمور الطبيعية فإن مراتب استكمالها لا تتم إلّا بالتدرج وعدم العجلة ـ وإن لم يصح إطلاق الصبر بالمعنى المعهود عليها ـ ولذلك ترى أن بذور النباتات والأشجار لا تصل إلى مرتبة الكمال إلّا بالتدرج ، وقد ورد في الحديث : أن ذكر ستة أيام في خلق السموات والأرض إنما كان لتعليم العباد التأني والصبر ، وإلّا فهو قادر على خلقهنّ في أقل من ذلك.
فهو من أهم موجبات تحقق المقاصد والظفر بالمطلوب إن توفرت بقية الشرائط ، قال علي (عليهالسلام): «لا يعدم الصبور الظفر وإن طال به