يعلمها إلّا الله عزوجل. وعن جمع من الفلاسفة «أن كلما هناك حي ناطق ولجمال الله دواما عاشق».
قوله تعالى : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). الأمر للتعجيز ، وإظهار عجزهم على أنفسهم وعلى غيرهم ، فلا وجه لإشكال جمع من المفسرين من أن أمر العاجز عن الشيء قبيح فيكون محالا عليه تعالى ، لأن ذلك في ما إذا كان الداعي من الأمر هو الإيجاب وأما إذا كان الداعي شيئا آخر من تعجيز ونحوه فلا محذور وهو في القرآن كثير ، وتأتي الإشارة إليه.
والإنباء هو الإخبار يتعدى إلى المفعول الثاني بنفسه تارة ، وبواسطة الحرف أخرى ، كما عن جمع من اللغويين.
والمراد بالأسماء هنا نفس الألفاظ فقط وهو تعجيز شديد ، يعني أنكم إذا لم تقدروا على الإخبار عن مجرد اللفظ فأولى أن تكونوا عاجزين عن معرفة أسرار الأشياء وحقائقها (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في أن ما خطر في نفوسكم أنكم أفضل من آدم وما أظهرتموه من الدهشة في اختيار الخليفة من الإنسان. وليس ذلك من الحسد المبغوض بل هو من حب الكمال الذي هو من الفطريات لكل ذي إدراك ، ولم يسلم من ذلك حتّى أنبياء الله تعالى ، كما تشهد به قصة موسى (عليهالسلام) مع الخضر ، وسيأتي تفصيلها في سورة الكهف.
ومن ذلك يعلم أن الحكمة في التعليم والعرض هي إظهار فضل آدم (عليهالسلام) على الملائكة ، وأن الخلافة لا تكون إلّا لمن استجمعت فيه مراتب الاستعداد ولا يعلم بها أحد إلّا الله تعالى.
هذا كله إذا كان المراد بقول الملائكة الاستفهام الحقيقي ، وكان الاستعمال بداعي ذلك أيضا. وأما إذا كان الاستعمال بداعي التنفر والاشمئزاز من المفسدين وسفكة الدماء فهو صحيح ، ويصح انتسابه إلى جميع الملائكة حتّى عظمائهم ، وحملة العرش كما لا يخفى. فيكون قول الله تعالى ناظرا الى عدم إحاطتهم بمراتب الغيوب ، ومقدمة لأمرهم بالسجود لآدم لما ظهر لهم من