فمورد هذه الاخبار مختص بالشبهة التى قامت الحجة في موردها على الواقع على تقدير ثبوته ، كالشبهة المقرونة بالعلم الاجمالي ونحو ذلك ، واما الشبهات البدوية بعد الفحص عن الدليل فليس مرتكبها مقتحما في الهلكة حتى يجب عليه التوقف ، للقطع بعدم الهلكة فيها من جهة قبح العقاب من دون بيان.
لانا نقول : اذا تعلق حكم بطبيعة وعلل بعلة وكان المتكلم في مقام البيان فالظاهر ان تلك الطبيعة في اي فرد وجدت محكومة بذلك الحكم وان العلة سارية في جميع افراد تلك الطبيعة ، ولا فرق فيما قلنا بين ان يكون الحكم المذكور في القضية مولويا وبين ان يكون ارشاديا ، ألا ترى ان الطبيب لو قال للمريض كل الرمان لانه مزيل للصفراء يفهم منه ان ازالة الصفراء سارية في تمام افراده وان هذه الطبيعة من دون تقييدها بشيء تصلح لذلك المريض.
والحاصل انه لا اشكال في ظهور ما قلنا ، وان الاخبار تدل على ان مطلق الشبهة يجب فيها التوقف ، لان عدم التوقف فيها موجب للاقتحام في الهلكة ، فيجب الجمع بين هذا الاطلاق والقاعدة العقلية التي مرت سابقا من قبح العقاب من دون بيان ، بان يستكشف من هذه الادلة ان الشارع قد كان اوجب الاحتياط على المخاطبين بالخطاب المدلول عليه بهذه الاخبار ، وإلّا لم يصح التعليل المذكور في الاخبار ، فاذا ثبت وجوب الاحتياط على المخاطبين بهذه الخطابات ثبت وجوبه علينا ايضا ، للقطع بالاشتراك في التكليف.
هذه غاية ما يمكن ان يقال في تقريب الاستدلال بهذه الاخبار.
والجواب اولا بانا نمنع ظهور المشتبه في كل محتمل ، بل قد يطلق على فعل يحتمل فيه الخطر ، وبعد احتمال ذلك في اللفظ لا يتعين المعنى الاول ، بل يتعين الثاني بقرينة التعليل ، فلا ربط حينئذ لتلك الاخبار بمذهب المدعى.
وثانيا : على فرض ظهور هذه الاخبار في العموم لا مناص من حملها على ارادة مطلق الرجحان وحمل الهلكة فيها على الاعم من العقاب وغيره من المفاسد ، لانه من الموارد التى اديت بهذه العبارة في الاخبار على سبيل التعليل