لزوم تحصيل الظن بالبراءة في حكم الشارع في حال الانسداد ان الظن بالواقع لا يلازم الظن بالبراءة في نظر الشارع بخلاف الظن بالطريق فينحصر الحجة في زمان الانسداد بالظن بالطريق.
والاوليان بمكان من الوضوح والدليل على الثالثة على ما افاده «قدسسره» في مقدمات هذا المطلب هو ان المناط في وجوب الاخذ بالعلم وتحصيل اليقين من الدليل هل هو تحصيل اليقين بمصادفة الاحكام الواقعية الاولية إلّا ان يقوم الدليل على الاكتفاء بغيره ، او ان الواجب اولا هو تحصيل اليقين بتحصيل الاحكام واداء الاعمال على وجه اراد الشارع منّا في الظاهر وحكم معه قطعا بتفريغ الذمة بملاحظة الطرق المقررة لمعرفتها مما جعلها وسيلة للوصول اليها ، سواء علم بمطابقة الواقع او ظن ذلك ، او لم يحصل به شيء منهما؟ وجهان ، الذي يقتضيه التحقيق هو الثاني ، فانه القدر الذي يحكم العقل بوجوبه ودلت الادلة المتقدمة على اعتباره ، ولو حصل العلم بها على الوجه المذكور لم يحكم العقل قطعا بوجوب تحصيل العلم بما في الواقع ، ولم يرد شيء من الادلة الشرعية بوجوب تحصيل شيء آخر وراء ذلك ، بل الادلة الشرعية قائمة على خلاف ذلك ، اذ لم يبن الشريعة من اول الامر على وجوب تحصيل كل من الاحكام الواقعية على سبيل القطع واليقين ، ولم يقع التكليف به حين انفتاح سبيل العلم بالواقع ، وفي ملاحظة طريق السلف من زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والائمة عليهمالسلام كفاية في ذلك ، اذ لم يوجب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على جميع من في بلده من الرجال والنسوان السماع منه في تبليغ الاحكام ، او حصول التواتر لآحادهم بالنسبة الى آحاد الاحكام ، او قيام القرينة القاطعة على عدم تعمد الكذب او الغلط في الفهم او في سماع اللفظ ، بل لو سمعوه من الثقة اكتفوا به «انتهى كلامه رفع مقامه» (١).
__________________
(١) هداية المسترشدين ، ص ٣٨٤.