فانه؟؟؟ بعد لم يصل الى حد يصلح لان يبعث المكلف الى الفعل ، لوجود الحجاب بينه وبين الواقع ، فلم يتحقق عنوان المخالفة والاطاعة (١) نعم لو حكم العقل بوجوب الاتيان بالمظنون من جهة الاحتياط وادراك الواقع كما في حال الانسداد فعدم الاتيان به على تقدير اصابة الظن للواقع في حكم المعصية ، لكن لا اشكال في ان هذا الحكم من العقل ليس الاعلى وجه التعليق بمعنى كونه
__________________
(١) وببيان آخر : القطع والظن والشك كلها مشتركة في انها عوارض لاحقة للحكم ، ولا يمكن لحاظها في موضوعه ، فالموضوع للحرمة مثلا ذات الخمر المعرّاة عن الاوصاف المذكورة ، لكن يمكن للشارع تعليق الحكم بملاحظة هذه التعرية في الوصفين ، لعدم لزوم المحذور ، ولا يمكنه هذه الملاحظة في القطع ، للزوم المحذور ، ولا نعنى بملاحظة التعرية في الاولين دخالتها بنحو التقييد ، حتى يكون الموضوع هو الخمر المعرّاة ، بل المراد ان لهذه الكيفية من ملاحظة الخمر وهي كيفية عرائها عن الوصفين في ذهن اللاحظ مدخلية في ترتّب حكمه ، ألا ترى ان التعرية عن الخصوصيات شرط في عروض وصف الكلية على الطبيعي ، وليس معناه ان الموضوع مثلا هو الانسان المعرى ، كيف وهو مباين مع الخارجيات ، بل بمعنى انه اذا لاحظناه بهذه الكيفية وهي عرائه عن الخصوصيات تعرضه الكلية ، واذا لاحظناه لا بتلك الكيفية لا تعرضه ، وسيجيء مزيد توضيح لذلك في محلّه ان شاء الله تعالى.
وحينئذ فنقول : حيث صح التعرية في الوصفين صح مجيء الحكم المخالف في موردهما ، وحيث لم يصح في العلم لم يصح ، واما وجه عدم الصحة في العلم فهو ان التكليف علة لتحقق المتعلق ، كالعلة التكوينية ، لكنه علة تشريعية تحتاج الى مساعدة جوارح المكلف ، وذلك انما يكون بعد العلم ، فلو منع عن تاثيره في هذا الحال كان منافيا لوضع التكليف ، وان شئت قلت : العلم بالحكم من غير فرق بين اسبابه وانحائه موضوع لوجوب الامتثال ، ودخالة الشارع في الحكم في هذه المرتبة راجعة الى دخالته في هذا الحكم العقلي يرفعه عن موضوعه بعد تحققه ، والحال انه غير قابل لذلك ، وهذا بخلاف الشك والظن ، فانه إما لا حكم للعقل في موردهما ، كما في الشبهة البدوية بعد الفحص ، وإما له حكم لكن ليس من باب وجوب الامتثال ، اذ ليس المحرك نفس الحكم ، كيف وهو مشكوك ، بل من باب وجوب الاحتياط ودفع الضرر المحتمل ، فلا يكون لحاظ التعرية عنهما منافيا مع وضع التكليف وعليته ، ويكون رافعا لهذا الحكم العقلي برفع موضوعه «منه : قدسسره».