امتثالهما باكرام العالم الهاشمي. فهنا وجب بالبول الاول عنوان وبالثاني عنوان آخر. لكن كلا العنوانين متصادقان على موضوع الوضوء ، واما بالتزام كون الجزاء للسبب المتقدم احداث الوجوب وللثاني تشديده.
وكل من هذه الامور الثلاثة ارتكاب لخلاف الظاهر : اما الاول فواضح ، وكذا الثاني والثالث ؛ لوضوح ان ظاهر القضية حدوث الوجوب عند حدوث الشرط متعلقا بنفس ماهية الوضوء ؛ لا ثبوت الوجوب ولا تشديده ؛ ولا متعلقا بعنوان يصدق على الوضوء. وحيث لا وجه للالتزام بشيء منها يتعيّن القول بان الواجب عقيب كل سبب وجود مغاير لما وجب عقيب سبب آخر ، وهو القول بعدم التداخل.
لا يقال : وجه الالتزام بواحد من الامور الثلاثة عدم امكان حفظ الظهور والالجاء برفع اليد عنه.
لانا نقول : لا إلجاء بعد امكان ما ذكرناه من حمل الجملة الطلبيّة الجزائية على تعدد الفرد على حسب تعدد الشرط. فنقول : ان المراد بقوله فتوضأ انه توضأ وضوء مغايرا للوضوء الواجب بسبب آخر.
فان قلت : هذا يحتاج الى التقييد بقولنا : «وضوء آخر مغايرا لما وجب بسبب آخر» والاطلاق يدفعه.
قلت : نعم ، هو مناف لاطلاق الجزاء ، ولكن ظهور الشرط في ان كل فرد من افراد الشرط سبب مستقل ـ مع حفظ الظهورات المتقدمة ـ قاض برفع اليد عن هذا الاطلاق ، ويصير بيانا للقيد.
هذا حاصل ما يقال في تاسيس الاصل على عدم التداخل.
ولكنه خلاف التحقيق لانه قوله «قدسسره» بان افادة احد الامرين للوجوب والآخر لشدته خلاف الظاهر ، ممنوع. فان ذلك ليس اختلافا راجعا الى معنى الصيغة وانما هو من جهة اختلاف المحل الذي يعرضه الوجوب ؛ فان كان متصفا به سابقا ، كان ايراد الوجوب عليه ثانيا منشأ لانتزاع الشدة قهرا. وان كان خاليا كان احداثا للوجوب كذلك ؛ فالاحداث والتاكيد وصفان طارئان من قبل اختلاف المحل ؛ وليسا مما يكون فيه دخل لقصد المنشئ وارادته. بل شغله ابدا ابراز الطلب النفساني ؛ نظير ايجاد اللون في العين الخارجية ؛ فانه في المحل المتصف بالبياض مثلا احداث الحمرة وفي المحل المتصف بها تشديد لها ، ونظير ايراد الماء في الحوض ، فانه في الحوض الخالى ايراد الماء واحداثه ، وفي المشغول تكثير الماء ، مع ان الفعل الاختياري للفاعل في كليهما واحد. وهذا في الوضوح بمكان يستغنى عن البيان. وقد حكى الاستاذ «دام علاه» عن شيخه الاستاذ «طاب ثراه» تقرير ذلك في درسه ورجوعه عما في الكفاية ؛ فيكون مقتضى القاعدة على هذا هو التداخل في المسبب.