في مكان وافر الماء لا يسعه اعدام الماء قبل الوقت ففي هذا الفرض يعلم بحصول كلا الشرطين من الوقت والقدرة الخاصة ، وقد حكمت بانه حينئذ تتصف المقدمات بالوجوب قبل حصول الشرط ، فيلزم اتصاف الوضوء في هذا الفرض بالوجوب المطلق قبل الوقت ، وهو خلاف النص والاجماع من انه اذا دخل الوقت وجب الطّهور والصلاة ، فيجاب بما اجاب به المصنف «دام عمره» في المتن من استكشاف المانع في الايجاب والامر وانه مع المانع في نفس المتعلق او في الايجاب لا بد من تخصيص الوجوب المترشح من ذي المقدمة بالفرد الآخر ، فان الوجوب المقدمي لا يقتضي إلّا مقدمة ما ، فان كان ذوات الافراد متساوية فلعدم لزوم الترجيح بلا مرجح يحكم بالوجوب التخييرى ، فاذا انقدح مانع في المتعلق او في الايجاب في احدها كان الوجوب لا جرم متخصصا بغيره ، لعدم لزوم ذاك المحذور ، لوجود المرجّح في غيره.
لكن يتفرع على هذا شيء : وهو ان غاية ما ذكر عدم اتصاف الوضوء بالوجوب قبل الوقت لكن مع بقاء ملاك الوجوب فيه ، فغاية الامر عدم صحة الوضوء قبل الوقت بقصد الوجوب لكن يلزم صحة الوضوء قبل الوقت بلا قصد الوجوب اذا لم يقصد به غاية من الغايات حتى الكون على الطهارة سوى التوصل به الى الصلاة الواجبة بعد الوقت ، اذ لا يلزم في عباديّة العبادة وجود الامر ، بل يكفى الجهة كما قرر في مبحث الضدّ ، فلو قلنا : بعدم الاستحباب النفسي لذات الوضوء ايضا كفى هذا القصد اعني قصد التوصل به الى ذي المقدمة في عباديّته وقربيّته ، فلو كان اجماع على بطلان الوضوء بهذا الوجه كان الاشكال غير ممكن الذب.
(*٣٧ ، ص ١٠٧)
فصل
[في الفرق بين الترتب وبين ما اختاره الفصول في مسألة الامر بالضدين]
اورد صاحب الفصول على ما قرره في الواجب المعلق اشكالا ؛ هو انه ربما لا يدرك المكلف زمان الواجب فكيف يصح الوجوب الفعلي قبل زمانه؟ واجاب بانه يتوجه التكليف نحو من يدرك ـ في علم الله ـ بحيث يكون الادراك الخارجي كاشفا عن تحقق هذا العنوان في السابق ، فيكشف عن سبق الوجوب ، والحاصل انه فرق بين ما اذا جعل الشرط نفس الادراك الخارجي ، فحينئذ يكون الادراك الخارجي مثبتا ومحققا للوجوب ولا وجوب قبله ، وبين ما اذا جعل الشرط عنوانا انتزاعيا ينتزع من الادراك الخارجي ، وهو كونه يدرك في المستقبل ، وهذا العنوان كان ثابتا من الازل حتى قبل وجود المكلف ايضا ، فانه في علم