الملازمة بين ارادة الشيء وارادة مقدماته ، وبين حكمي العقل والشرع؟ واين هذا من تطبيق الخمر على جزئياتها؟ فانه امر ضروري غير محتاج الى النظر ، ونظيره في طرف العكس تطبيق وجوب الصلاة والصوم وحرمة الغناء والغيبة ، حيث ان الاجتهاد انما هو محتاج اليه في تشخيص الموضوعات المذكورة بحدودها ، واما اجراء الاحكام المذكورة بعد التشخيص فغير محتاج الى النظر ، فوقوع نتيجة المسألة في طريق الاستنباط لا يصدق مع كون واحدة من الصغرى او الكبرى غير نظرية ولو كانت الاخرى كذلك ، اما لعدم احتياج نفسها الى الاستخراج والاستنتاج لضرورتها فلا تعد من ابحاث العلم ، او لعدم الوقوع في طريق الاستنباط ، وانما يصدق فيما كانتا معا نظريتين ، فحينئذ يصدق على كل منهما انها قاعدة تقع بعد استخراج نفسها عن ادلتها في طريق الاستنباط.
فلهذا عدل في الكتاب عن التعريف المذكور الى ما ذكره.
ومن هنا تعرف ورود الاشكال المذكور في جانب الطرد على تعريف الكفاية ايضا ، وان سلم عن الانتقاض العكسي.
واما وجه سلامة تعريف الكتاب عنه فهو ان القاعدة المذكورة بعد ضمّها الى صغراها لا تفيد فائدة بالنسبة الى حكم آخر وراء نفسها ، وهذا بخلاف القواعد الاصولية ، فان كلّها اذا انضمت الى صغرياتها فالنتيجة الحاصلة تنفع بحال حكم شرعي آخر وراء نفسها ، اما لكونها طريقا علميّا لثبوته او لا ثبوته ، واما سببا لتنجزه او لا تنجزه ، وبعبارة اخرى : ان المكلف اذا التفت الى حكم شرعي فاما ان يحصل له العلم او الظن او الشك فكل قاعدة تفيد استراحة خاطره من ناحية ذلك الحكم الشرعي تسمى اصولية ، وكل قاعدة تكون مطلوبة لنفسها مثل وجوب صلاة الجمعة وقاعدة ما لا يضمن «الخ» ولو كانت ماخوذة من القواعد الاصولية ولو العقلية منها تسمى فقهية ، حيث ان مفاد الاولى وجوب الاركان المخصوصة والثانية ضمان المقبوض بالعقد الفاسد اذا كان صحيحه موجبا للضمان ، وامر هذين دائر بين الثبوت في نفس الامر واللاثبوت ، لا انهما تنفعان بعد ضم الصغرى اليهما بحال حكم آخر وراء انفسهما بنحو من الانحاء.
والحاصل ان القواعد الاصولية بعد تنقيح مدركها والفراغ عن دليلها ، اذا تحقق صغراها فنتيجتها مثمرة بحال الاحكام الواقعية ، اما للكشف عن ثبوتها وعدم الثبوت ، واما للكشف عن تنجزها على تقدير الثبوت من غير تعرض للثبوت وعدمه ، واما للكشف عن سقوط العقاب عليها على تقدير الثبوت من غير تعرض للثبوت وعدمه ايضا ، مثلا القواعد العقلية مثل وجوب مقدمة الواجب وجواز الاجتماع وجواز الترتب بعد الفراغ عن مدركها