واما القسم الثاني فالاقرب فيه صحة العبادة ايضا لوجهين :
احدهما ان يقال : ان الامر وان امتنع تعلقه بهذا الفرد لكونه منهيا عنه في الواقع ، إلّا انه لا يتوقف صحة العبادة على الامر ، بل يكفى فيها وجود الجهة ، كما مر فى باب الضد ، ولا اشكال في وجود الجهة ، لان النزاع مبنى على الفراغ منها.
فان قلت : فعلى هذا ينبغى ان يحكم بالصحة في مورد العلم بالحرمة ايضا لان الجهة موجودة فيه.
قلت : الوجه في عدم الحكم بالصحة فيما اذا علم بالحرمة ان الجهة لا تؤثر في قرب الفاعل لوجود الجهة المبعدة ، بخلاف ما نحن فيه ، فان الجهة المقبحة لا تؤثر في البعد لمعذورية المكلف ، فلا مانع لافادة الجهة المحسنة تأثيرها.
فان قلت : ان الجهة المقبحة وان لم تؤثر في الفاعل إلّا انها منافية للجهة المحسنة في نفس الامر ومزاحمة لها ، فلا يبقى للفعل الخارجي حسن في نفس الامر حتى يتقرب به الفاعل باتيانه.
قلت : ليست الجهتان متضادتين من حيث ذاتهما ، ألا ترى وجود الخاصية الموافقة للطبع والمنافرة له في شرب دواء خاص واحد ، بل التزاحم في رتبة تأثير كل منهما فيما يقتضيه من ارادة الشرب وعدمه وكذلك في مرحلة مدح العقلاء مرتكب ذلك الفعل المشتمل على جهتين او ذمهم اياه ، وكما ان الجهة الملاءمة
__________________
الاثر بواسطة الشك فلا يلزم من توجه الامر محذور التكليف بالمحال ، ولكن كيف يرتفع محذور التكليف المحال اللازم من اجتماعهما عند القائل بالامتناع ، وبعبارة اخرى متى يرى المولى ذات الغصب والصلاة لا يرى في نفسه الا النهى ويرفع اليد عن امره في هذا الموضوع الذي اجتمع فيه ذات الغصب والصلاة هذا.
ولكن الذي يسهل الخطب ان اوامر الصلاة ليست باوامر فعلية ناظرة الى حال طرو الغصب حتى يلزم الاشكال المذكور بل انما هي اوامر ذاتية تشريعية ، والامر التشريعى اذا سقط النهى المزاحم له عن الاثر صار فعليا بحكم العقل «منه».