الاستصحاب إلى زمان الوجود ، فتكون القضيّة بعد الولادة سالبة بانتفاء المحمول ، فتحقّق عنوان العامّ ـ أي وجود المرأة ـ بالوجدان ، وعنوان الخاصّ ـ أي القرشيّة ـ ينفى بالاستصحاب.
وجوابه أوّلا : أنّ شرط جريان الاستصحاب عند الاصوليّين هو اتّحاد القضيّة المتيقّنة والمشكوكة من حيث الموضوع والمحمول ، وكان عروض اليقين والشكّ بلحاظ الزمان السابق واللّاحق ، ولا يتحقّق هذا الشرط فيما نحن فيه ؛ إذ الموضوع في القضيّة المتيقّنة هي المرأة الغير موجودة ، وفي القضيّة المشكوكة هي المرأة الموجودة ، ومجرّد صدق عنوان السالبة المحصّلة عليهما ـ كصدق الجنس على الأنواع ـ لا يوجب الاتّحاد بينهما.
وثانيا : أنّ هذا الاستصحاب مثبت ، فإنّ بعد استصحاب السالبة المحصّلة واستمرارها إلى زمان الوجود لا بدّ من تحقّق الإضافة والارتباط بين المرأة الموجودة وعدم القرشيّة ؛ إذ المستصحب لا يكون عدم اتّصاف المرأة بالقرشيّة ، بل هو أنّ هذه المرأة لم تكن قرشيّة بنحو السالبة بانتفاء الموضوع ، وإذا استمرّت إلى زمان الولادة وإحراز وجودها بالوجدان فلا محالة يحكم العقل بعدم قرشيّتها الآن أيضا ، فالحاكم بالإضافة والارتباط بينهما هو العقل ، ويسمّى هذا عند الاصوليّين بالأصل المثبت ، وهو لا يجري عند المحقّقين منهم.
والحاصل : أنّه لا يجري هذا الاستصحاب وكذا استصحاب عدم قابليّة التذكية وأمثال ذلك. هذا تمام الكلام في التنبيه الثاني.
التنبيه الثالث :
فيما ذكره صاحب الكفاية قدسسره (١) بعنوان وهم وإزاحة ، وهو أنّه ربما يظهر من
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٣٤٦ ـ ٣٤٨.