الأمر السادس
في تأسيس الأصل في المسألة
ومن المباحث الأصليّة في هذه المسألة عبارة عن تأسيس الأصل إن لم يحرز لنا طرف النفي أو الإثبات في باب الملازمة وكنّا في حالة الشكّ ، فهل يتحقّق أصل عملي لإثبات أحد الطرفين أم لا؟ قد يقع مجرى الأصل ما هو محلّ النزاع في بحث مقدّمة الواجب ، يعني الملازمة وعدمها ، وعلى هذا لا يكون هنا أصل ؛ إذ الملازمة تكون من المسائل العقليّة كما مرّ ، وليست لها حالة سابقة عدميّة حتّى يحتمل تبدّلها بالوجوديّة ، بل هي أزليّة وأبديّة ، مثل : حكم العقل بامتناع اجتماع النقيضين ، فإن تحقّقت الملازمة يكون تحقّقها من الأزل إلى الأبد ، وإن لم تتحقّق يكون عدم تحقّقها أيضا كذلك ، فلا أصل في أصل المسألة ، وقد يقع مجرى الأصل نتيجة المسألة ، يعني ما جعلناه ثمرة اصوليّة ، وهي عبارة عن وجوب المقدّمات شرعا ، وعلى هذا يتحقّق استصحاب العدم ، فإنّ الأحكام الشرعيّة حادثة وتكون لها حالة سابقة عدميّة ، كالحجّ ـ مثلا ـ فإنّ وجوبه حدث بعد نزول الآية : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(١) ، وإذا شكّ في وجوب بعض مقدّماته يجري استصحاب العدم.
__________________
(١) آل عمران : ٩٧.