البحث في مفهوم الوصف
ولا بدّ في هذه المسألة من التعرّض لأمرين بعنوان المقدّمة :
الأوّل : أنّ الوصف قد يكون معتمدا على الموصوف ومشتملا على ذكره ، مثل : «أكرم رجلا عالما» وقد يكون غير معتمد عليه ، مثل : «أكرم عالما» ، وربما يقال : إنّ النزاع في باب مفهوم الوصف يختصّ بالصورة الاولى ، فإنّ طريق إثبات المفهوم هنا أنّ إضافة القيد في كلام المولى الحكيم يكون لغرض لا محالة ، ولا بدّ للقيد من مدخليّة لخروج كلام المتكلّم عن اللغوية ، ومورد هذا الاستدلال فيما إذا ذكر الوصف والموصوف معا ، فالصورة الاولى خارجة عن دائرة النزاع في مفهوم الوصف ، ولكنّه ليس بصحيح ؛ إذ الاستدلال لا ينحصر بإضافة لفظيّة ، بل إن ذكر عنوان يرجع عند التحليل إلى الذات والصفة ، مثل : «أكرم عالما» فيجري الاستدلال بأنّ عدول المتكلّم عن عنوان الذات إلى عنوان الصفة مع تأخّره عن الذات من حيث الرتبة لا محالة يكون لغرض ، وهو مدخليّته في الحكم بحيث ينتفي الحكم بانتفائه ، فلا فرق بين الصورتين من هذه الجهة.
ولذا يكون مفهوم الرواية النبويّة : «ليّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته» (١) ، يعني تأخير ومسامحة المديون الواجد يحلّ عقوبته وعرضه : «أنّ ليّ غير الواجد لا يحلّ عقوبته وعرضه» عند كثير من القائلين بالمفهوم ، مع أنّ الوصف ذكر خاليا عن الموصوف.
الأمر الثاني : أنّ الوصف إذا لوحظ مع الموصوف يتحقّق بينهما حالات مختلفة من حيث النسبة ، وما هو القدر المتيقّن من محلّ النزاع أن تكون النسبة
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٣٣٤ ، الباب ٨ من أبواب الدين والقرض ، الحديث ٤.