الأوّل : في اقتضاء النهي عن العبادة لفسادها
والبحث فيها قد يكون في مقام الدلالة اللفظية ، وقد يكون في مقام حكم العقل ـ وإن لم يتعرّض للبحث اللفظي في الكفاية ـ ولا شكّ في ضرورة البحث في مقام الدلالة اللفظيّة أيضا ، فنقول : إنّه هل يتحقّق للنواهي المتعلّقة بالعبادات من حيث الدلالة اللفظيّة وفهم العرف ظهور في الحرمة المولويّة أو ظهور في الإرشاد إلى الفساد ، بعد التوجّه إلى بيان الأجزاء والشرائط والموانع من طريق الأوامر والنواهي معمولا مثل : «صلّ مع الطهارة» و «لا تصلّ في وبر ما لا يؤكل لحمه» ، وبعد التوجّه إلى إرشاديّتهما قطعا؟ فإذا تعلّق النهي بنفس العبادة مثل : «لا تصلّي في أيّام أقرائك» فالظاهر والمتفاهم منه عرفا الإرشاد إلى الفساد ، وأنّها لا يمكن أن تقع صحيحة ولا يمكن أن يترتّب عليها الأثر ، إلّا أن تكون في البين قرينة على الحرمة الذاتيّة. هذا من الجهة اللفظيّة للمسألة.
وأمّا من الجهة العقليّة فيكون الموضوع فيها الحرمة المولويّة ، وأنّ العبادة بعد تعلّق النهي المولوي عليها ، هل يمكن وقوعها صحيحة أم لا؟ يمكن أن يتوهّم بأنّه لا يمكن تصوّر كون الشيء عبادة مع تعلّق الحرمة المولويّة به حتّى نقول : إنّ الحرمة المولويّة تقتضي الفساد أم لا ، فإنّها إن تحقّقت في الخارج بدون قصد القربة فلا تكون محرّمة ، وإن تحقّقت مع قصد القربة والحال أنّها لا تكون مقرّبة شرعا فتكون حرمتها تشريعيّة ، ولا يبقى مجال للحرمة الذاتيّة.
وجوابه قد مرّ في المقدّمة الاولى ، وهو : أنّ المقصود من العبادة هنا إمّا أن يكون ما هو عبادة ذاتا ـ مثل السجود لله والخشوع له ـ وقلنا : إنّ الصلاة أيضا كانت من هذا القبيل ، فإنّها عبارة عن الركوع والسجود والتحميد