العقليّة ، فإنّ موردها عبارة عن الواقعيّات ، ولا تجري في الامور الاعتباريّة كما مرّ في شرائط التكليف والوضع.
وإن قلنا بواقعيّتها فنحتاج إلى حلّ المعضلة في مثل شرطيّة أغسال الليلة لصحّة صوم اليوم الماضي للمستحاضة ، وكان لاستاذنا السيّد الإمام قدسسره (١) جواب وله مقدّمة وهي : أنّ أجزاء الزمان ـ كالوجودات اللفظيّة ـ من الامور التدريجيّة والمتصرّمة ، ولا يجتمع جزءان منها في آن واحد ، مثلا : يوم الأحد جزء من الزمان ويوم الإثنين جزء آخر منه ، ومن المعلوم أنّهما لا يجتمعان معا ، فلا محالة يتقدّم بعضها ويتأخّر بعضها الآخر. وحينئذ يتولّد الإشكال بأنّ تقدّم يوم الأحد على يوم الإثنين وتأخّره عنه أمر وجداني غير قابل للإنكار ، ومع ذلك مخالف للقاعدتين العقليّتين المسلّمتين :
إحداهما : أنّ التقدّم والتأخّر من مصاديق المتضايفين ، ومقتضى التضايف تقارنهما من حيث الرتبة والزمان ، ولازم اتّصاف يوم الأحد بوصف التقدّم اتّصاف يوم الاثنين بوصف التأخّر في هذا الآن والزمان كاتّصاف الإمام بالإمامة والمأموم بالمأموميّة ، فلا يعقل التقدّم الرتبي والزماني لأحدهما على الآخر.
وثانيتهما : القاعدة الفرعيّة ، أي ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له ، فثبوت وصف التأخّر ليوم الإثنين فرع تحقّقه وثبوته ، وكيف يمكن أن يتّصف يوم الإثنين الذي لم يتحقّق بعد بوصف التأخّر؟! وإذا لم يمكن اتّصاف يوم الإثنين بوصف التأخّر فلا يمكن اتّصاف يوم الأحد أيضا بوصف التقدّم ؛ إذ لا يعقل التفكيك بين الأمرين المتضايفين.
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ٢١٣ ـ ٢١٦.