ولكن لا شكّ في اتّصاف العبادات بالوجوب قبل تحقّقها في الخارج ، ولذا نقول : الصلاة واجبة قبل إتيانها خارجا ، فإنّ متعلّق الوجوب عبارة عن نفس ماهيّة الصلاة وعنوانها كما مرّ تحقيقه ، وهكذا في سائر الأحكام التكليفيّة.
وأمّا في عروض وصف الصحّة والفساد على العبادات فلا بدّ من تحقّقها خارجا ، وملاحظة مطابقتها للمأمور به وعدمها ، ثمّ توصف بأنّ هذه الصلاة ـ مثلا ـ صحيحة أم فاسدة ، ومن هنا نستكشف أنّ الحكم بالصحّة والفساد فيها خارجان عن دائرة جعل الشارع ، فإنّه محدود بالماهيّات والعناوين ، كما اعترف صاحب الكفاية قدسسره أيضا بأنّ الحكم بصحّة المأمور به بالأمر الأوّلي يكون من المستقلّات العقليّة.
ويمكن أن يتوهّم أنّه قد مرّ في بحث الصحيح والأعمّ اتّفاق القولين بأنّ الوضع والموضوع له في ألفاظ العبادات عامّان نظير أسماء الأجناس ، فيستفاد من ضمّ القول بالصحيح وعموميّة الوضع والموضوع له فيها أنّ الصحّة والفساد ترتبطان بالماهيّة ، ولا ترتبطان بالوجود الخارجي ، فإنّ معنى عموميّة الوضع والموضوع له أنّ الشارع لاحظ الصلاة المتّصفة بالصحّة بنحو العام ثمّ وضع لفظ الصلاة لها ، ومعناه أنّ للشارع دخلا في جعل الصحّة والفساد ، كما لا يخفى.
وجوابه كما مرّ في محلّه : أنّ القائل بالصحيح لا يأخذ عنوان الصحيح في الموضوع له ، بل يلاحظه مع خصوصيّة لا تنطبق خارجا إلّا على الصلاة الصحيحة ، ويقول الشارع : جعلت ووضعت لفظ الصلاة للمركّب من عشرة أجزاء وخمسة شرائط ـ مثلا ـ وهذا ينطبق على الصلاة التي تكون صحيحة بعد الإتيان بها في الخارج ، ولا يقول : وضعت لفظ الصلاة للصلاة الصحيحة