الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي الأوّلي عقلا إذا نسبت إليه ، حيث لا يكاد يعقل ثبوت الإعادة والقضاء معه جزما ، فالصحّة بهذا المعنى في المأمور به بالأمر الواقعي الأوّلي وإن كانت ليست بحكم وضعي مجعول بنفسه أو بتبع تكليف ، إلّا أنّها ليست بأمر اعتباري انتزاعي كما توهّم ، بل ممّا يستقلّ به العقل كما يستقلّ باستحقاق المثوبة به ، وإذا نسبت إلى الأمر الثانوي أو الظاهري فالسقوط ربما يكون مجعولا وكان الحكم به تخفيفا ومنّة على العباد مع ثبوت المقتضى لثبوت الإعادة والقضاء ، كما عرفت في مسألة الإجزاء ، كما ربما يحكم بثبوتهما ، فتكون الصحّة والفساد في المأمور بالأمر الاضطراري والظاهري حكمين مجعولين لا وصفين انتزاعيّين.
نعم ، الصحّة والفساد تكون من الأحكام الجعليّة الشرعيّة في الطبيعي المأمور به ، وأمّا في الموارد الخاصّة فلا يكونان مجعولين ، بل إنّما هي تتّصف بهما بمجرّد الانطباق على ما هو المأمور به ، هذا في العبادات.
وعليه فالحقّ في العبادات التفصيل بين العنوان الكلّي والموارد الجزئيّة ، من حيث الجعل الشرعي للصحّة والفساد وعدمه.
وأمّا الصحّة في المعاملات فهي تكون مجعولة ، حيث كان ترتّب الأثر على معاملة إنّما هو بجعل الشارع وترتيبه عليها ولو إمضاء ؛ ضرورة أنّه لو لا جعله لما ترتّب عليها الأثر ؛ لأصالة الفساد. نعم ، صحّة كلّ معاملة شخصيّة وفسادها ليس إلّا لأجل انطباقها مع ما هو المجعول سببا وعدمه ، كما هو الحال في التكليفيّة من الأحكام ؛ ضرورة أنّ اتّصاف المأتي به بالوجوب أو الحرمة أو غيرهما ليس إلّا لانطباقه على ما هو الواجب أو الحرام. هذا تمام كلامه مع زيادة توضيح.