باختلاف الأنظار بخلوّهما عن الواقعيّة.
المرحلة الثانية : أنّه لا دخل للإجزاء بالصحّة والفساد أصلا ؛ إذ المفروض في باب الإجزاء صحّة المأمور به بالأمر الثانوي والظاهري وإتيانه بإجازة الشارع.
وأمّا مع فرض بطلانه كالإتيان بالصلاة مع التيمّم في أوّل الوقت ـ مثلا ـ فلا مجال لبحث الإجزاء ، بل كلمة الإجزاء تهدينا إلى أنّ المأمور به بالأمر الظاهري إذا وقع صحيحا ، ثمّ صار واجدا للماء على خلاف العادة ، هل هو مجزي عن المأمور به بالأمر الواقعي أم لا؟ وما هو مسلّم بين القائل بالإجزاء وعدمه عبارة عن صحّة المأمور به بالأمر الظاهري ، وإتيانه بإجازة الشارع ، ولكن في عين كونه صحيحا هل يكتفى به إذا صار واجدا للماء أم لا؟ هذا خلط وقع في كلامه بين الإجزاء وعدمه والصحّة والفساد.
ثمّ وقع النزاع في أنّ الصحّة والفساد من الأحكام الجعليّة الشرعيّة أم لا؟ وعلى فرض كونهما مجعولين شرعيّين هل يكونان من الأحكام الشرعيّة الاستقلاليّة أو التبعيّة أو تختلف الصحّة والفساد بحسب اختلاف الموارد؟
قال صاحب الكفاية قدسسره (١) في قسم آخر من كلامه في هذا البحث : إنّه لا شبهة في أنّ الصحّة والفساد عند المتكلّم وصفان اعتباريّان ينتزعان من مطابقة المأتي به مع المأمور به وعدمها ، إلّا أنّ منشأ انتزاعهما أمران واقعيّان ؛ إذ لا شكّ في أنّ مطابقة المأتي به مع المأمور به التي تكون منشأ انتزاع الصحّة ، وعدمها الذي يكون منشأ انتزاع الفساد أمران تكوينيّان واقعيّان.
وأمّا الصحّة بمعنى سقوط القضاء والإعادة عند الفقيه فهي من لوازم
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٩٠.