الصحّة والفساد في مقابل اللغة والعرف ، بل العرف واللغة وجميع العلوم التي تستعمل فيها كلمة الصحّة والفساد متوافقة في أنّ الصحّة تكون بمعنى التماميّة ، والفساد بمعنى النقص ، ولكن يتوهّم مغايرتها على الظاهر بلحاظ مغايرة الآثار المترتّبة عليها ، فيكون التقابل بين الصحّة والفساد عين التقابل بين النقص والتمام ، يعني تقابل العدم والملكة. هذا بعض كلامه قدسسره مع زيادة توضيح.
وأشكل عليه استاذنا السيّد الإمام قدسسره (١) بأنّه : قد تقدّم في بحث الصحيح والأعمّ أنّ ترادف الصحّة والفساد مع التمام والنقص ممّا لم يثبت بحسب اللغة والعرف ، بل ثبت خلافه ؛ لأنّ النقص والتمام يطلقان على الشيء المركّب بحسب الأجزاء غالبا إن كان واجدا ومشتملا لجميع الأجزاء والشرائط والخصوصيّات المعتبرة فيه كالإنسان والدار والمعجون ، فيقال : إنّه تامّ ، ولا يقال : إنّه صحيح ، وإن كان فاقدا لبعض الأجزاء أو الخصوصيّات يعبّر عنه بأنّه ناقص ولا يعبّر عنه بأنّه فاسد.
وأمّا الصحّة والفساد فيستعملان غالبا في شيء كان له أثر نوعي وخاصيّة نوعيّة بحسب الكيفيّات والأحوال ، مثل الكيفيّات المزاجيّة وشبهها ، فيقال : فاكهة صحيحة ، إذا لم يفسدها الدود والحرارة ، أو فاسدة ، إذا ضيّعتها المفسدات ، فالتقابل بين الصحّة والفساد تقابل التضاد ؛ لأنّ كلاهما أمران وجوديّان ؛ إذ الصحّة عبارة عن كيفيّة وجوديّة عارضة للشيء موافقة لمزاجه بحيث تقبله الطباع ، والفساد عبارة عن كيفيّة وجوديّة عارضة له مخالفة لمزاجه ومنافرة لطبيعته النوعيّة ، فيكون بينهما تقابل التضادّ ، كما أنّ بين التمام والنقص تقابل العدم والملكة. هذا بحسب اللغة والعرف.
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ١٤٦ ـ ١٤٧.