المقدّمة الخامسة : في توضيح عنواني الصحّة والفساد : قال صاحب الكفاية قدسسره (١) : إنّ الصحّة والفساد وصفان إضافيّان يختلفان بحسب الآثار والأنظار ، فربما يكون شيء واحد صحيحا بحسب الأثر أو النظر وفاسدا بحسب آخر ، ومن هنا صحّ أن يقال : إنّ الصحّة في العبادة والمعاملة لا تختلف ، بل فيهما بمعنى واحد وهو التماميّة ، وإنّما الاختلاف فيما هو المرغوب منهما من الآثار التي بالقياس عليها تتّصف بالتماميّة وعدمها ، وهكذا الاختلاف بين الفقيه والمتكلّم في صحّة العبادة إنّما يكون لأجل الاختلاف فيما هو المهمّ لكلّ منهما من الأثر بعد الاتّفاق ظاهرا على أنّها بمعنى التماميّة ، كما هي معناها لغة وعرفا.
ولمّا كان غرض الفقيه هو وجوب القضاء أو الإعادة ، أو عدم الوجوب فسّر صحّة العبادة بسقوطهما ، وأمّا المتكلّم فلمّا كان غرضه حصول الامتثال الموجب عقلا لاستحقاق المثوبة فسّرها بما يوافق الأمر تارة وبما يوافق الشريعة اخرى.
وأمّا الصحّة في المعاملات فهي تكون مجعولة ، حيث كان ترتّب الأثر على المعاملة إنّما هو بجعل الشارع ، وترتيبه عليها ولو إمضاء ؛ ضرورة أنّه لو لا جعله لما كان يترتّب عليه ؛ لأصالة الفساد.
فالبيع الصحيح : ما يترتّب عليه الأثر المرتقب عنه ، أي التمليك والتملّك. والبيع الفاسد : ما لا يترتّب عليه أثر ، والنكاح الصحيح : ما تترتّب عليه الزوجيّة ، والنكاح الفاسد عكسه ، والطلاق الصحيح : ما يحصل به الفراق بين الزوجين ، والطلاق الفاسد عكسه ، ولا يكون للفقهاء اصطلاح خاصّ في معنى
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٨٤ ـ ٢٨٦.