فلا يصحّ تعبيرهم بأنّ الواجب التوصّلي يصير عبادة إن أتى به بقصد القربة ، بل لا يخلو من كونه موجبا للسخرية ، ومعلوم أنّ إطاعة الباري أو إطاعة الوالدين وإن تحقّق بقصد القربة إلّا أنّه يصحّ التعبير عنه بالعبادة.
فالأولى في مقام التقسيم القول بأنّ الواجب إمّا تقرّبي وإمّا توصّلي ، والتقرّبي قد يكون عباديّا ـ كالصلاة والصوم ـ وقد يكون غير عبادي كالزكاة والخمس ، وما يوجب التزام صاحب الكفاية قدسسره بذكر المصداقين هاهنا للعبادة ـ يعني ما كانت عبادة بالذات وإن تعلّق الأمر مكان النهي يكون أمره أمرا عباديا ـ عبارة عن توسعته لدائرة الواجب التعبّدي ، وأنّ كلّ ما لم يكن توصّليا يكون تعبّديّا ، وجعل صلاة الحائض مصداقا للأمر التعليقي ، مع أنّها عبادة بالفعل فإنّ عباديّة الصلاة ذاتيّة.
ولكنّ التحقيق : أنّه لا يوجد دليل يدلّ على انحصار محلّ النزاع بما كان المنهي عنه عبادة أو معاملة حتّى نحتاج إلى معنى العبادة وبيان المراد منها ، بل يكون محلّ النزاع عبارة عن كلّ ما كان قابلا للاتّصاف بالصحّة والفساد ، ووقع متعلّق النهي ، سواء انطبق عليه عنوان العبادة أو المعاملة ، أو غيرهما.
ويرد على الإمام قدسسره : أنّه سلّمنا عدم انطباق عنوان العبادة على مثل الزكاة والخمس ، كما أنّ الصلاة لا شكّ في مصداقيّتها للعبادة وإن تحقّقت من الحائض ، لا أنّها لو أمر بها كان أمرها عباديّا ، ولكنّ الصوم مع كونه أمرا قلبيّا عدميّا ، هل يلحق بالزكاة والخمس أو يلحق بالصلاة؟ والظاهر إلحاقه بالصلاة ، مع أنّه لا يتحقّق فيه عنوان العبادة بالمعنى المذكور ؛ إذ لا دخل للصائميّة ـ يعني ترك المفطرات ـ في العبادة ، والحال أنّ خروج الصوم عن العبادة لا يقبله أكثر الفقهاء.