ولكنّ التحقيق : أنّ التكليف الذي جعل مضافا إليه الشرط قد يكون بالمعنى المصدري ، ويعبّر عنه بالإيجاب ، وهو مسبوق بالإرادة ومبادئها كسائر الأعمال الاختياريّة للإنسان ، وقد يكون بمعنى الاسم المصدري ، ويعبّر عنه بالوجوب ، وربما لا يكون الشيء شرطا للإيجاب بدون الوجوب ، والأوّل مرحلة الإنشاء ، والثاني مرحلة الفعليّة ، مثل قول المولى : «إن جاءك زيد فأكرمه» ، ومن البديهي أنّ المولى بعد تصوّر الشرط والمشروط والتصديق بالفائدة وسائر المبادئ أنشأ وأوجب الإكرام فعلا ، ولكنّ فعليّة هذا الحكم التعليقي الإنشائي متوقّف على تحقّق مجيء «زيد» في الخارج ، فيكون مجيء «زيد» بوجوده الخارجي لا بوجوده الذهني شرطا لفعليّة التكليف والوجوب ، لا لإنشاء التكليف والإيجاب ، إلّا أنّ المجيء شرط مقارن لفعليّة وجوب الإكرام مثل شرطيّة الزوال لفعليّة وجوب الصلاة.
وأمّا مثال شرطيّة المتقدّم فنحو أن يقول المولى : «إن جاءك زيد فأكرمه بعد ساعة» ، أو يقول : «إن تحقّق المجيء في الخارج يجب عليك الإكرام بعد ساعة» ، فلا طريق لنا لإرجاعه إلى الوجود الذهني ، فكيف يكون الإشكال قابلا للحلّ هاهنا؟!
وأمّا المثال للشرط المتقدّم في الشرعيّات فهو عبارة عن شرطيّة الاستطاعة لوجوب الحجّ على قول ؛ إذ المشهور في مسألة الواجب المعلّق ـ مثل الحجّ ـ قائل بأنّه يجب الحجّ بمجرّد تحقّق الاستطاعة في وقته ، أي الوجوب فعلي والواجب معلّق بإيصال الموسم. وأنكره عدّة من الأعاظم وقالوا : إنّ الإرادة لا تتعلّق بالأمر الاستقبالي ، فتكون الاستطاعة بوجوده الخارجي شرطا لوجوب الحجّ في الموسم ؛ بحيث يكون الزمان قيدا للوجوب