القاعدة فيها لا تخلو إمّا أن يكون المتقدّم أو المتأخّر شرطا للتكليف أو الوضع ـ أي الحكم الوضعي كالزوجيّة والملكيّة مثلا ـ أو المأمور به ، ثمّ شرع في الجواب عن كلّ واحد منها مستقلّا.
ووافقه الإمام في جوابه عن شرط التكليف وأضاف إليه مثالا ، وهو : أنّ من شرائط العامّة لأصل التكليف وثبوت الحكم عبارة عن قدرة المكلّف على الامتثال في ظرف الامتثال لا في حال التكليف ، وإذا قال المولى : يجب عليك أن تسافر غدا فلا شكّ في فعليّة التكليف بمجرّد صدور الحكم عنه ، ومعلوم أنّ القدرة المضاف إلى الغد لا تتحقّق حينئذ ، فالتكليف المشروط يتحقّق فعلا بدون شرط.
وتقريب الجواب : أنّ الأمر يكون من الأفعال الاختياريّة لفاعل المختار ، فيكون مسبوقا بالإرادة ، وهي تحتاج إلى المبادئ ، ومن مبادئها تصوّر الشيء والتصديق بفائدته ، أي الاعتقاد بفائدة المراد لا فائدته الواقعيّة. ومعلوم أنّ التصوّر والتصديق والعزم والجزم وسائر مبادئ الإرادة بأجمعها ترتبط بالنفس ، وتوجد كأصل الوجود الذهني بخلّاقيّة نفس الإنسان بعناية من الله تعالى ، وإن كان لصاحب الكفاية قدسسره في مسألة الإرادة مقالة غير قابلة للالتزام به ، ولكن أصل نفسانيّة الإرادة مع مبادئها محطّ الاستدلال هاهنا فأمر المولى في المثال يدور مدار اعتقاده بقدرة المكلّف على الامتثال وعدمه ، ويحكم بالمسافرة في صورة تحقّقه ، ولا يدور مدار القدرة الواقعيّة وعدمها ، فما هو مأخوذ في التكليف بعنوان الشرط مقارن له من حيث الزمان وهو لحاظ المتقدّم والمتأخّر ، وما هو متقدّم عليه أو متأخّر عنه غير مأخوذ فيه بعنوان الشرط وهو وجودهما الواقعي والخارجي ، فلا انخرام للقاعدة.