والقطعيّة عند أهل المعقول القاعدة الفرعيّة في القضايا الموجبة ، يعني ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت مثبت له.
نعم ، القضايا السالبة المحصّلة تصدق مع انتفاء الموضوع أيضا ، ولكن في غيرها يجب تحقّق الموضوع في مقام الصدق ، وإذا كان الأمر كذلك ـ أي كانت تلك الخصوصيّة حاصلة من إضافتها إلى الشيئين ـ فلا معنى لحصول أحد الطرفين ـ أعني الواجب ـ دون الطرف الآخر ـ أعني الشرط ـ إذ الإضافة الفعليّة تستلزم تحقّق الطرفين بالفعل كالابوّة والبنوّة الفعليتين تستلزم وجود الأب والابن فعلا حتّى تتحصّل بين الطرفين.
وأمّا مسألة العلم بالحوادث الماضية والآتية فعلا بدون تحقّق المعلوم الفعلي فجوابه يظهر بما ذكرناه مرارا من أنّ المعلوم بالعرض ـ يعني خارجيّة الشيء ـ لا يتحقّق عند العلم به ، ولكنّ المعلوم بالذات ـ يعني الصورة الحاصلة من وجوده ـ متحقّق في النفس ومقارن مع العلم به. وأمّا شرطيّة المجاورة ويبوسة الجسم للإحراق فلا يرتبط بالمعلوم بالذات ، وطرف الإضافة هاهنا عبارة عن واقعيّة المجاورة واليبوسة ، ولا يتصوّر فيها تحقّق الإضافة فعلا بدون طرف الإضافة ، فلا تصحّ المقايسة بين العلم وشرطيّتهما أصلا. فجواب المحقّق العراقي قدسسره عن الإشكال ليس بتام.
والجواب الآخر : ما قال به صاحب الكفاية قدسسره (١) وتبعه الإمام قدسسره (٢) في قسم منه، وهو قوله :
والتحقيق في رفع هذا الإشكال أن يقال : إنّ الموارد التي توهم انخرام
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٤٥ ـ ١٤٦.
(٢) تهذيب الاصول ١ : ٢١٣.