الحجة على العبد ، وهو علوم من اجتمعت فيه فهو عاقل ، ومن عدمها أو بعضها فهو ناقص العقل وذاهبه ، وموضع تفصيلها كتب علم الكلام ، (وما به) آية من كتاب الله عزوجل إلا ونحن نعلم معناها ولفظها ، ووجه حكمة الله سبحانه في الخطاب بها ، ومراد الله سبحانه منّا فيها وعينها وحقيقتها ، ونحن الراسخون في العلم بما علمنا ، وولاة الأمر بما حكم لنا ، وورثة الكتاب عن أبينا وجدنا ، فإذا قال لنا تعالى : (يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) [المائدة : ٦٤] علمنا بدلالة العقل أن اليد التي هي الجارحة مستحيلة عليه ؛ لأنه ليس بجسم لأن الأجسام محدثة وهو تعالى قديم ؛ لأنه لو كان محدثا لاحتاج إلى محدث وذلك محال ، وقد ثبت أن اليد في اللغة تحمل على الجارحة المخصوصة ، وتحمل على القدرة ، وتحمل على النعمة ، يقول قائل أهل اللغة : لفلان على بني فلان يد أي قدرة ، وما له عليهم يد ، ماله عليهم قدرة ، وله عليهم يد أي : نعمة ، وشواهد ذلك ظاهرة فلا وجه لذكرها ، فيداه مبسوطتان والحال هذه نعمتاه في الدين والدنيا والآخرة وفي الباطن والظاهر ، وقدرته لنا قاهرة حكما وفعلا ووقوعا إن أراد سبحانه فكيف يهمل ما في هذه الآية من الفوائد بالتعلق بقولها رد ، أو كيف يحملها على القول الفاسد والعقل والشرع منه ذا يد ، والمعنى الصحيح شاهد ، هل هذا إلا عدوان وإلحاد في القرآن ، فهذا من المتشابه ، وقد عرفت كيف بيّن الراسخون في العلم معناه ، ولا علم لنا إلا ما علّمنا الله.
ومن المحكم بالمعنى الأخير : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الصمد : ١] الواحد الذي لا يتجزأ ، كما يقال : جوهر واحد ، والواحد المختص بصفات الكمال أو بعضها ، كما يقال : واحد زمانه ، ووحيد عصره ، ونسيج وحده ، يريد بذلك الانفراد ، وكل معنى من هذه المعاني ثابت في الباري تعالى على أبلغ الوجوه