والجواب عن ذلك : أن الجهاد فريضة من فرائض الله تعالى العظام ، ونحن نروي في ذلك عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (أنه قال) (١) : «الجهاد سنام الدين» ، وسنام الجزور أفضلها بالاتفاق ، وفي ذلك اتفاق أهل الفقه أن رجلا لو أوصى بشيء من ماله لأفضل وجوه البر لصرف إلى الجهاد ، ونحن نروي عن أبينا (عن) (٢) علي بن أبي طالب عليهالسلام أنه قال : (فيكون في آخر الزمان قوم متقرءون ، متنسكون ، متفقهون ، لا يوجبون أمرا بمعروف ، ولا نهيا عن منكر ، إلا إذا درّت لهم معايشهم ، وسلموا في أمر دنياهم ، فلو أن الصلاة والصوم أضرّا بشيء من دنياهم لرفضوهما ، وقد رفضوا من الفرائض أسنمها وأشرفها الجهاد في سبيل الله ، فريضة تقام بها الفرائض ، وتحيا بها السنن ، وتعمر بها الأرض ، وينتصف بها من الأعداء) ، ولا حق في هذا المال إلا لمن جاهد أو كان بجهده وطاقته مع المجاهدين.
وأما الفسح والإذن فلا يكون إلا في حكم واحد ووجه واحد ؛ لأن لكل حركة للجهاد فرضا محدودا (٣) فلا بد من إذن جديد ، وإن استأذن الإمام وأذن له وكان لا عذر له عند الله تعالى فذلك لا يجزيه ولا يخلصه عن عهدة ما لزمه.
وأمّا العذر لخوف الظلمة فبعيد من الصواب جدا ، وأي جهاد لا يخاف صاحبه ولا يخيف!! وإذا كان الله تعالى قد (اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) [التوبة : ١١] ، والقرآن آكد حكمه في كبار الكتب المنزلة الشريفة ، فهل
__________________
(١) زيادة في (ب).
(٢) سقطت من (ب).
(٣) في (ب) : فرضا محددا.