تلبس شيئا من الثياب المشهورة ، ولا تنفر من كل من يريد بصرهن كل النفرة ، ولا تأنس به كل الأنس ، ولا يرفعن أصواتهن بالكلام ولا الخصام ، ويعظمن حال أمهاتهن ، ويرعين لهن حرمة أبيهن ، ويتعلمن ما لا غنى للنساء عن علمه من العلاج والصنعة من الغزل وصنعة الطعام على أنواعه والخرازة وإن أمكن النسج ، وصنعة الآنية من التوار والأغطية والمناسف والدباغ والطحن ، فهذا كله لا ينقص ذوات الأقدار عن مقاديرهن ولا تضيع منازلهن من الرفعة ، وقد كانت أمنا فاطمة عليهاالسلام تغزل لنفسها وبالأجرة ، وتطحن النفقة ، وتخدم البيت ، وبذلك قضى عليها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا شرف أعظم من شرفها ، ولا كرم على الله يوازي كرمها ، وهذا كله بعد الإحاطة بكتاب الله تعالى ودرسه وحفظه والتفهم له وتعلم أحكام الطهارة والصلاة وصورهما ووضوءها.
وأما من أضربت عن الأزواج أو لم يبق لها زوج فإن لها بذلك مزية ؛ لأن من جداتنا رضوان الله عليهن من رغبن عن الأزواج لشرف نفوسهن ، وعلو هممهن ، فتفرغن لعبادة الله سبحانه ، وظهر صيتهن ، وعلا شرفهن ، وكن بحيث يضرب بهن الأمثال ، كربابة بنت أبي هاشم الفاضلة العالمة العاملة رضوان الله عليها ، وكذلك بنت أخيها حمزة بن أبي هاشم سلام الله عليه تسمى زينة وهي التي ظهرت بركتها حتى التزم الناس لها البر في مخاليف اليمن ، وكان لها قدر أربعين عاملا من خدامها ومن غيرهم ، وكانت الأموال تجتمع إليها وتعظم فتفرقها نفاقا في سبيل الله تعالى وللمدارس والعمارات في السبل والمناهل والمساجد ، وكانت العلماء يجتمعون إليها للدراسة والتدريس ، وكذلك كانت عمتها رضوان الله عليها إلا أن عمتها كانت أعلم بحيث كان الفقهاء يرجعون إليها فيما يختلفون فيه من غوامض مسائل الشرع ،