السلطان في السطوة هيب ، فكيف من أذن له علام الغيوب ، وعليها غض البصر والصوت ، والتشدد في الحجاب ، وحفظ الفرج كما أمر الله سبحانه دينا وحمية على شريف الأصل وكريم الفعل ، وحفظ بيت الزوج وماله من قليل الضياع وكثيره ، فلا تعطي من ماله إلا بإذنه ، ولا ترضع من لبنه إلا برضاه ، وتحفظه في أهله وأقاربه وعبيده وإمائه حتى لا توالي عدوه ولا تعادي وليه ، ولا تقرب من بعدّه ، ولا تبعد من قرّبه ، وإذا دعا أجابته بالتلبية ، وبادرت إليه قبل فوات الحاجة ، وإن سألها تأنت في الجواب حتى تعلم معنى المسألة ، وإلا لطفت في الاستعادة ، فإن رأت منه ميلا إلى زوجة أخرى أو هوى في جارية لم تظهر له العلم بذلك ولا تنازعه فيه ، فالقلوب لا يردها العتاب ، وطلبت ذلك بحسن المعاشرة وطيب المعادلة ، ولا تعامله معاملة الأكفاء ، ولا منازعة النظراء ، ولا تثق بجمالها وحسنها في كفاية ميل قلبه إليها فإن الرفق وحسن العشرة يغلب ذلك كله ، وأصل الأمر وفرعه أن لا تعصيه في قول ولا فعل إلا أن يأمرها بشيء من معصية الله تعالى فترده عن ذلك بوعظ ولين ، وتخويف سطوة رب العالمين ، ولا تفرط في معونته بما تعين به مثلها مثله إن كان فقيرا فبالعلاج والغزل وعمل بما يمكنها من آلة البيت ، وإن كان غنيا فبالحفظ والترتيب ، ولا تفشي له سرا ، ولا تبدله خبرا ، ولا تذكر شيئا مما يعيبه فيه لقريب ولا بعيد ، وتجتهد في تعظيمه ما استطاعت ، ولا تنازعه ولا تشاوره ولا تماره ، وإن ترفع تواضعت ، وإن قسا لانت حتى تنحل سخيمته ، وتلين شكيمته ، ولا تشعره أن أحدا أعلى منه قدرا ، فإن كان عاقلا فهو يعرف من فوقه ومن مثله ومن دونه ، وإن كان جاهلا فتح ذلك باب الشر من قبله لأن للرجل نخوة الظهور على المرأة وأقصى مراده أن يتقرر عنده أن نفسها لا تطمح عنه إلى الملك فمن دونه ، فإن وقع ذلك في نفسه تكدر عيشه ولم يؤمن طيشه.