الجواب : فأما المملوك فهو مال في الحكم ولا يقاس عليه ، وأما الغني فالصدقة لا تحرم لشرفه وإنما لغناه ، بدليل أنه إذا زال الغنى حلت له الصدقة فدل على أن علة المنع الغنى لا النسب ، وقد علل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تحريم الصدقة على بني هاشم بأنها غسالة أوساخ الناس ، وفي حديث آخر غسالة أوساخ أيدي الناس ، وكان هذا تشريفا ، وكان ذلك عاما فيهم وفي مواليهم بالإجماع ؛ ولأن في الخبر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «المعتق من فضل طينة المعتق» ولا شك أن طينتهم من أفضل الطين ولم يساويهم بغيرهم ، ولأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: «الولاء لحمة كلحمة النسب لا تباع ولا توهب» (١) ، وهذا خبر معلوم للأمة بالاضطرار ، ولأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «مولى القوم منهم» (٢) وكان مجملا وكان ثباته بشريعة تشرفهم قولا وفعلا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أما الفضل فولّاهم على سادات العرب والمسلمين في غير موطن ، كزيد بن حارثة رحمهالله ، وأسامة بن زيد.
وأما ما ذكر أن الإجماع منعقد عن الأمة والأئمة أن العربي لا يكون عاضلا إذا لم يزوج المولى ، فهذا الإجماع لا يصح دعوى أنه كان غير عاضل في موالي بني
__________________
(١) أخرجه الأمير الحسين في (الشفاء) بسنده عن ابن عمر ، قال الإمام القاسم بن محمد : قال ابن حجر : رواه الشافعي ، وصححه ابن حبان ، وأصله في صحيح البخاري بغير هذا اللفظ ، وهو في البيهقي ٦ / ٢٤٠ ، ١٠ / ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، وفي مسند عبد الرزاق برقم (١٦١٤٩) ، وفي مجمع الزوائد ٤ / ٢٣١ ، وفي المستدرك ٤ / ٣٤١ ، وفي كنز العمال برقم (٢٩٦٢٤) ، وانظر بقية مصادره في موسوعة أطراف الحديث ١٠ / ٤٩٢.
(٢) أخرجه أحمد بن حنبل ٣ / ٤٤٨ ، ٤ / ٣٣٠ ، والدارمي ٢ / ٢٤٤ ، والطبراني في الكبير ١٢ / ١٩٧ ، وهو في مجمع الزوائد ١ / ١١٥ ، ١٠ / ٣١ ، وفي مشكاة المصابيح برقم (٣٠٥١) ، وفي تلخيص الحبير ٤ / ٢١٤ ، وكنز العمال برقم (٢٩٦٤٢) ، ونصب الراية ٤ / ١٤٨ ، وابن عساكر ٢ / ٤٣٤ ، ٥ / ٣١٢ ، وفي تفسير القرطبي ٨ / ١٩٢.
وهو بلفظ : «مولى القوم من أنفسهم» عند البخاري ٨ / ١٩٣. وأبي داود برقم (١٦٥٠) ، والبيهقي ٢ / ١٥١ ، وانظر موسوعة أطراف الحديث النبوي ٨ / ٦٤٣.