معه من المسلمين خيرا ، إلى أن قال له في آخر الخبر : «إذا لقيت عدوكم من المشركين فادعوه إلى إحدى ثلاث خصال ، فإن هم أجابوا إليها فاقبل منهم وكفّ عنهم : ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم ، ثم ادعهم من التحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين ، وأخبرهم : إن (١) فعلوا ذلك فإن عليهم ما على المهاجرين ، ولهم ما لهم ، وإن [هم] (٢) أبوا فأخبرهم : إنهم كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المسلمين ، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين» فسماهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مسلمين ، وأجرى عليهم أحكام المسلمين ، ومنع أن يكون لهم حظّ في الغنيمة والفيء ما لم يهاجروا ، ولم يحكم بكفرهم إذا لم يهاجروا ، ولم يعقل من هذا الخبر إلا أنهم أسلموا وأقاموا بدار الحرب ، إذ لو كانت الدار التي هم فيها قد أسلم أهلها كلهم كانت دار إسلام ولم يلزمهم التحوّل عنها.
قال أيده الله : اللهم إلا أن يقال : إن الحكم كان على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن أهل المدن والقرى إذا أسلموا بقاطبتهم ، حتى لا يبقى بينهم كافر لا يقبل ذلك منهم حتى يهاجروا إلى المدينة ، ولا يكون دارهم دار حرب ولا دار إسلام ، فما الدليل؟ فتنعّم بالجواب عن هاتين المسألتين مبرهنا مفصّلا مشروحا على كل فصل من ذلك ، ولا تمل إلى الإيجاز والاختصار؟
الكلام في المسألة الأولى : أنّ الإسلام عندنا يصحّ في دار الحرب ودار الإسلام على سواء ، والهجرة فرض آخر كفروض الإسلام المعلومة ، ولا يجوز قتل المسلم في دار الحرب ولا في دار الإسلام ، ولا بذلك قائل من أهل العلم ، فإن قتله مؤمن مستأمن في دار الحرب من قبل أن يهاجر فإن قتله خطأ ففيه
__________________
(١) في (ب) : إنهم إن.
(٢) زيادة في (ب).